مي زيادة – نشوء وارتقاء المثقفة الحرة – سليم مجاعص
مي زيادة – نشوء وارتقاء المثقفة الحرة
$18.00
Description
مي زيادة – نشوء وارتقاء المثقفة الحرة – سليم مجاعص
Softcover book, 24×17 cm, 376 pages
مدخل (نبذة…)
وقعت بين يدي مجموعة أعداد مجلة الزهور لأعوام 1911-1914 التي كان يصدرها ويشرف عليها أنطوان الجميل وأمين تقي الدين من أدباء “الشوام” في مصر، فوجدت فيها مقالات عدة لمي زيادة كان الدكتور جوزيف زيدان قد اعتبرها من أولى كتابات مي العربية المعروفة. ونشر الدكتور زيدان في كتابه أعمال مي زيادة المجهولة بعضاً منها إذ كانت مي نشرت بعضها الآخر في مجموعاتها بدون تعيين تاريخ الكتابة. لكن قراءة هذه المقالات في حيزها الأصلي، مع ما صاحبها من تعليقات وردود، أعطت هذه المقالات رونقاً مغايراً لما نجده في المجموعات الكتبية. وتكشفت حقائق عن بدايات مي الأدبية مغايرة لخطوط السيرة المعروفة. دفعني ذلك إلى إجراء مراجعة شاملة لنتاج مي في الدوريات السورية والمصرية متتبعا نشوء وارتقاء موقعها الثقافي وحواراتها مع الفكر السائد في عصرها في المشرق وفي العالم.
وكنت أرى أن مي زيادة هي بركة من بركات التاريخ أسبغت على مشرقنا لإعلاء حقه وتعميم خيره وتألق جماله، وتراودني عبارة أنطون سعاده عن مي: «لم تنجب سورية في القرون الأخيرة من النساء أديبة كبيرة كماري زيادة، وأقول بكل تأكيد إني لم أجد فيمن قرأت ولا فيمن حادثت من أدباء سورية ومصر سوى نفر قليل جداً من الأدباء الرجال الذين يضاهونها ثقافة وشعوراً وفناً. كانت في بركة من بركات العناية…”
وقد حظيت مى باهتمام أدباء سورية ومصر، لكن كثيراً من هذا الإهتمام تركز على النواحي الشخصية من مسيرتها الثقافية وكان عرضة لما وصفه الدكتور زيدان بالمنحى الذكوري. فلا يزال الناظر يجد كتباً عن مي بعناوين من مثل جنون إمرأة، أو فصولاً في كتب من مثل “مي… زيادة عن اللزوم” ، وما شابه من هذا الهفت ونستثني منارات معروفة من مثل جهد السيدة سلمى الحفار الكزبري لتتبع تفاصيل حياة مي ونتاجها وعمل بعض أديباتنا في الإنتصار لمي. ومما يبعث على التفاؤل بداية حملة اهتمام جدي بمي كمثقفة ومفكرة في أعمال كل من الدكتور جوزيف زيدان وأحمد أصفهاني وأنتيا زيغلر. فلماذا نقوم بعمل جديد عن مي ؟
لقد صبغت مأساة مي في تجربتها الأخيرة الكبرى في حياتها – مأساة إدخالها عنوة إلى مستشفى العصفورية للأمراض العقلية والعصبية – مقاربة الأكثرين لها ولأدبها وفكرها. وبلغ الأمر في تصوير مي كضحية أن سيرة مي الأفضل حتى اليوم التي كتبتها السيدة الكزبري تحت عنوان فرعي هو «مأساة النبوغ». لكننا نرى أن نبوغ مي لم يكن مأسويا في جل حياتها. صحيح أن هناك محطات مأسوية في مسيرة تلك الحياة من مثل خسارة أخيها الطفل ووفاة والديها، لكن هذه المحطات هي من حوادث الحياة التي يخضع لها كل بشري، عبقريا كان أم عادياً. ففقدان الوالدين أمر محتم في حياة معظم الناس. وينسى الكتاب أن عمر مي يوم وفاة والدها سنة 1929 كان ثلاثاً وأربعين سنة وأن حدث الوفاة لم يضعضع حياتها كما يحلو للبعض تصوره. توفي والد مي في 23 تشرين الأول وتعود مي إلى مزاولة كتابة إفتتاحيتها الأسبوعية في جريدة الأهرام في 13 تشرين الثاني وتواظب على ذلك بدون انقطاع بشكل أسبوعي معالجة مواضيع متنوعة بأسلوب واقعي تحليلي نقدي لا يختلف عما سبقه. وفي 12 كانون الثاني 1930 نجد مي على منبر الجامعة المصرية تلقي محاضرة ضمن سلسلة كان يشرف عليها طه حسين. وتقول مي للمجتمعين: «أشكر لكم هذا الترحاب الجميل. لقد أنسيتموني لحظة ثوبي الأسود وجئتم تقولون لي بشبابكم وحماستكم وعطفكم إن من أقام الآن على ضفاف النيل حرام عليه أن يكون حزيناً ! إن من أظلته سماء مصر والأمة المصرية في إبان يقظتها تحتم عليه أن يغرق يأسه الفردي في الرجاء العظيم الشامل عاملاً في بابه على إذكاء هذه اليقظة، مشاركاً الأمة الناهضة المجاهدة ولو من بعض النواحي في نهضتها وجهادها!»
فمي ما عادت في هذه الفترة الفتاة الرومانسية الرهيفة السوانح، بل أصبحت مثقفة ناضجة قديرة. لعل جهل الكتاب نتاج مي الغزير في هذه الفترة على صفحات الأهرام دفع بعضهم إلى اعتبار “نقص” أدلة الإنتاج الثقافي كدليل على خبو شعلة فكر مي . لكن هذه الشعلة لم تخب كما تدل المنشورات الحديثة التي أعادت إنتاج مي إلى الواجهة.
يضيف بعض الكتاب وفاة جبران إلى لائحة الحوادث التي يزعمون أنها ساهمت في دفع مي إلى سوداوية عميقة. لكن يجب التذكير أن علاقة مي بجبران في السنين الأخيرة من حياته كانت متقطعة وأفضل ما يمكن وصفها به هو صمت المتطاول . ولا بد من تسديد ناحية نظن أن الكتاب قد تهوروا فيها وهي دور وفاة جبران في المساهمة في شعور الإحباط الذي طرأ على مي في منتصف الثلاثينات . فإذا نظرنا في علاقة مي بجبران كما تتكشف من رسائل جبران إليها وجدنا أنه بعد مرور سنة 1925 هناك جفاف شبه تام في التبادل الكتابي بين الأديبين. ثم تصل مي برقية تعزية بوالدها في أواخر سنة 1929 فبرقية أخرى في أواخر 1930 بمناسبة رأس السنة، ثم رسم بسيط سنة 1931 من الواضح أن العلاقة العاطفية والعلاقة الفكرية انقطعتا بين الأديبين مع حلول عام 1925 على الأقصى. فلا شك أن مي حزنت عندما وصلها نبأ وفاة جبران، ولا شك أنها كانت تتابع كتاباته، لكن أن يزعم بعضهم أن موت جبران زلزل حياتها فمن غرائب الإستنتاج بعد مرور سنين على انتهاء العلاقة الشعورية.
وانظر مثلا وصف مي سنة 1935 كما ورد في مجلة الرسالة لصديقها أحمد حسن الزيات: «كانت مي في النصف الأول من سنة 1935 مرهفة الطبع جمة النشاط دائبة الإنتاج لا تبخل بظرفها وأدبها على سامر ولا صحيفة ؛ وكان أكثر نشاطها حينئذ مصروفاً إلى مجلة الرسالة ومحطة الإذاعة. ومن أثر ذلك تلك المسابقة الأدبية التي اقترحتها على الشعراء، وذلك (المجلس النادر) الذي أقامته للصلح بين بعض الأدباء. وكانت في مجالسها الخاصة تصرف الكلام وتساجل أعيان الأدب ببديهة حاضرة ولقانة عجيبة، تمثل لك صورة من صور أولئك الأديبات اللاتي أنشأن باستعدادهن للأدب مجالس في عهوده الزاهرة، كسكينة إبنة الحسين، والولادة إبنة المستكفي، ومدام دي رمبوييه، ومدام جوفرين، والأميرة نازلي ،فاضل وأضرابهن ممن وفقن بين اللغة والبلاغة، وبين الأدب والذوق ، وبين الفن والسمو؛ ثم وشّين ثقافة عصورهن بألوان شتى من أناقة المعرض وجمال الأداء وحسن المبادهة. وكان من حسن حظ الرسالة أن وقعت بقلب الكاتبة العظيمة، فكانت كلما صدرت في يومها تحييني مي… … (نبذة…)
تقع المسؤولية علينا لإرسال الكتاب الذي تطلبه، من خلال بريد سريع برقم تتبع ، مما يضمن استلام الطرد. قد يستغرق وصول الكتاب ما بين يومين وخمسة أيام ، وفقًا للبلد الذي تم إرسال الكتاب إليه.
Additional information
Weight | 0.8 kg |
---|---|
Dimensions | 1 × 1 × 1 cm |