كتاب حرب السنتين

Description

كتاب حرب السنتين – النهار Newspaper of Dar An-Nahar 1975 – 1976 – 40.5×29.5 cm – 356 pages

عندما تؤرخ الحرب ، تسأل نفسك دائماً: هل انتهت؟ ثم ، اذا كانت قد انتهت ، فإلام ؟… إلام كانت الحرب ، إلام ؟

هذا الكتاب ليس تاريخاً… لم يحن زمن التأريخ بعد… فالجروح لم تندمل ، والمتاريس لا تزال في النفوس ، بالكاد نزعناها من زوايا الشوارع وساحات الخراب …

غير ان العقول ، العقول بدأت تنفتح ، تتحرك تفكفك قوالبها والطلاسم التي تحجرت فيها والرموز.

وتجدها ، هذه العقول ، تجوب معك ساحات البؤس والخراب تتساءل : لماذا كانت الحرب ، لماذا ؟

ذلك أن أحداً لا يشعر حقاً انه ربح هذه الحرب ، حتى يشعر ، الى ذلك، انها كانت حرباً لا بد منها ، خضناها وانتهت… انتهت الى انتصار ، أو هزيمة ،ما هم… لكنها انتهت ، فيزهو الذي انتصر ويتحسر الذي هُزم !

ولأن الحزن الكبير لا يزال هو السيّد، سيد الجميع ، حتى أهل الانتصارات المتناقضة ، فإن كلاً من المحاربين يشعر بضرورة القول ان الحرب – ان حرباً ما لا تزال مستمرة وستظل… من غير ان يقول لنفسه وللمحاربين الى متى تستمر ، والی این ، ولماذا… فقط انها مستمرة كنضال لا نهاية له وثورة لا تتوقف !

فلماذا كانت الحرب ، وكيف تنتهي لكي تنتهي؟ من التاريخ القريب – هل نجرؤ ان نقول فعلاً من التاريخ ؟…

من التحليل التاريخي ، نستخلص ان هذه الاشرف حرب ، والابشع حرب ، والاقذر حرب ، والاجمل حرب ، كذلك والأتفه حرب …

نستخلص ان هذه الحرب كانت مجموعة حروب وثورات في حرب واحدة وثورة كبرى.. وانها كانت كل الحروب والثورات التي تحاشاها لبنان عبر جيل كامل ، انفجرت في اطول سنة أو سنتين من حياته…

كانت حرباً عربية – اسرائيلية … حرب اسرائيل التي ظن لبنان انه أمّن نفسه ضدها بالعهود والمواثيق ، فإذا بها تدخل أرضه لتحرقها والقلوب !

وكانت حرباً عربية – عربية … حرب كل العرب الذين لم يتسن لهم ان يتحاربوا لا بعضهم عند البعض ولا على حدودهم المنغلقة ، فاستباحوا الساحة » اللبنانية…

وكانت حرب الفلسطينيين… ضد أنفسهم ، وبعضهم ضدّ البعض، وضد العالم اجمع وضد لبنان الذي تمثلت فيه طموحاتهم والمطامع والحرمان ، فكان انفجار الحقد حيناً وبدائل الاحلام احياناً…

و كانت بالطبع حرب اللبنانيين، بل حروبهم والثورات…. رواسب التواريخ الماضية من حروب الانفصال الى حروب التوحيد ، طائفية من هنا ، واجتماعية من هناك ، وسياسية
من هنا وهناك وهنالك …. فكان ثمة من يحاول استحقاق استقلاله ، وثمة من يحاول الاستقلال عن الاستقلال ، فضلاً عمن يطلبون السيادة المفقودة ، والذين يطلبون المشاركة في المزيد منها لهم ، والذين اخيراً يطلبون للسيادة المعاني والمضامين التي من دونها لا سيادة لشعب ولا استقلال لوطن ولا حصانة لدولة او ازدهار.

ولذلك ، ومن اجل ذلك، ستستمر الحرب ولو انتهت ستستمر ، لأنه كان لكل فريق شهداؤه والبطولات ، ويجب ان يخترع كل فريق لنفسه انتصاراً بحجم الحرب والبطولات والشهادات !

ستستمر الحكايات ، حزينة كلها ، جميلة في الحزن ولكن من غير زهو إلا ما يُصطنع منه اصطناعاً …

وستستمر ، بعد السنتين ، هذه العبرة الكبرى من الحرب التي خسرها الجميع ولو ربحوا : هل ننتصر معاً حيث لم ينتصر بعضنا على البعض ، فتنتهي حرب القلوب والعقول لأنه لم يعد هنالك ما نحطمه ولا ما نخربه بالكاد نقدر بعد على تعمير وطن من البقايا ومدائن من الركام …

هل ننتصر معاً ، بعد سنتين ، هل نقدر ، وكيف ؟

علنا ، اذا بحثنا في السنتين ، نهاراً نهاراً ، نجد في التاريخ القريب ما نعتبر به من اجل تاريخ مقبل يكون هو الأبقى

غسان تويني

تقع المسؤولية علينا لإرسال الكتاب الذي تطلبه، من خلال بريد سريع برقم تتبع ، مما يضمن استلام الطرد. قد يستغرق وصول الكتاب ما بين يومين وخمسة أيام ، وفقًا للبلد الذي تم إرسال الكتاب إليه.