لبنان – ضياء العصور

Description

كتاب لبنان – ضياء العصور – المقدمة: خليل رامز سركيس – الصور: فولفيو رويترز – La Guilde du Livre Lausanne
Hardcover used book, but still in good shape, 28.5×22.5 cm, 135 pages

لبُنَان بقلم خليل رامي سركيس (نبذة عن المقدمة)

إذا حلقنا فوق لبنان تحليق طائر ، أوفينا على طبيعة غنية الألوان ، عزيزة الأشباه : جبال وأودية وسهول تنظر ، من بعض الجهات ، إلى المدى البحري، ومن بعضها الآخر تنظر إلى الرمال الصحراوية الأبعاد . فبدا لنا أن لبنان سليل جغرافية كونت سجايا أرضه وأهله ونحتت قسمات شخصيته التي لوحها الشرق والجنوب والغرب والشمال في وجه معاً . ذلك أن للبنان خصائص جغرافية بشرية جعلته على ضيق رقعته ، محط ثلاث قارات التقت فيه فتفاعلت بها أشياء طبيعته تفاعل خصب نشأ عنه المناخ اللبناني قلباً وشكلاً، مناخ الاعتدال ، والاتزان ، والتحول الخلاق، والتنوع المتآلف الغايات ولو في المهاب والأعاصير فكان أنه ، من أسيافنا التي تحاور الأبيض المتوسط إلى حدودنا التي تجاور البرّ الآسيوي، امتدت طبيعة لنا جمة العناصر في أمة وفرة المذاهب والأديان ، بل في وطن هو ، إلى تعدد أسره الروحية ، جمعه بيت أحد ، – أو هذا ما يُرجى أن يكون .

جل تاريخنا فعلُ موقعنا – تاريخنا منذ إنسان ما قبل التاريخ، إلى عهود الفينيقيين والرومان والعرب والعثمانيين، وإلى عهد الاستقلال الحديث . إنه تاريخ حضارة يستوي بها اتجاهان إلى وحدة قصد : اتجاه إلى سالف أزمنة يحييها تراثُ مُدهشات والتماعات جمال ؛ واتجاه إلى آتياتِ أَيام – وكواكب – يُعدّها تَفجِّر طاقات كونية المدى، على وفاء لذلك التراث.

فكان لبنان، في جملته ، سيرة موافقة على مخالفة بغير تصدع ولا انكسار . فاستطاع ، حتى وهو تحت الفاتحين ، أن يخضعهم لحواره ويُدخلهم في رحابة بيته . فأثر ، في ما أثر ، أن الإغريق ، على جدلي نقدهم ، والرومان ، على عُتوِّ حُكمهم ، قد أخذوا عن لبنان وابتنوا فيه. وما بيروت ، مدرسة للحقوق يؤمها الناس من  أقطار الإمبراطورية الرومانية ، إلا ظاهرة لتعاطي لبنان والتاريخ.

هذا التعاطي ، منذ ما قبل الإغريق والرومان إلى ما بعدهم ، كانت منه رائعات باقيات يروين أخبار جبيل وصور وصيدا وبعلبك وعنجر وبيت الدين وبيروت وسواها . ذلك فضلاً عما اختصت به أرضنا من معجزات طبيعة ، كمثل مغارة جعيتا وهي التي كأنما يتجسد فيها روح المياه، ومغارة عدلون وهي التي ترقى إلى ما يزيد على مائتي ألف سنة ، ومغارة مغدوشة وهي التي يقال إن مريم انتظرت بها يسوع يوم أطلّ على مشارف صيدا ؛ وفضلاً عما يعشش في ربوعنا من أساطير ليست مغامرة أدونيس بينها إلا رمز الحياة يتجدد عمرها كل ربیع وكأنها صعود في سماء قيامة وأبدِ انتصار .

فمن غوامض ما قبل التاريخ تجلّى لبنان في ثلاثة : إيمان بما فوق المادة، ومهارة في صناعات نفع وحُسْن ، وابتداع في مناهج عقل وقول . فكان أن اللبناني ، منذ عهد الأنيوليتيين لزهاء ستين مئة خلت ، قد انتقل من الكهف إلى البيت فبنى المنزل ، مسكن دنياه ؛ وبنى القبر، مثواه إلى الآخرة . ثم ابتكر أداة التخاطب . فأرسى أول قواعد الحضارة والتمدن.

لبنان أوبالينوس وقدموس هو مسقط رأس البناء عمارةً وأبجدية هيأتا العناية بالمرافق الحيوية زراعة وصناعة وتجارةً . فأصبحت أرضنا ، يومئذ ، بستان العالم تنوع نبات وثمر ، من زيتون المتوسط وموز الحرّ إلى فاكهة الجبال وأرز الثلوج . وغدت بلادنا مصنعاً فيه… … ….

تقع المسؤولية علينا لإرسال الكتاب الذي تطلبه، من خلال بريد سريع برقم تتبع ، مما يضمن استلام الطرد. قد يستغرق وصول الكتاب ما بين يومين وخمسة أيام ، وفقًا للبلد الذي تم إرسال الكتاب إليه.