Home/

Al Beit البيت – السوسيولوجيا واللغة والعمران – نادر سراج

Al Beit البيت – السوسيولوجيا واللغة والعمران – نادر سراج

$41.20

Book Al Beit البيت – السوسيولوجيا واللغة والعمران – نادر سراج

Description

LebanonPostcard presents a very important book: ‘Al Beit’. Acquire an additional book to your collection.

البيت – السوسيولوجيا واللغة والعمران – دراسة لسانية تطبيقية – نادر سراج

مقدمة

لبنان هو ملتقى دروب الحضارات، هو البيت الكبير المضياف الذي يتسع لأبنائه وأصدقائه وضيوفه. ينفسح على البحر المتوسط، وينفتح على الداخل العربي، ويصوغ .البيئة الرائدة في الحضارة والثقافة والتجارة والاعلام.

من البدهي القول ان البيت اللبناني مهما تعددت تسمياته وتنوع طرازه المعماري، فهو يشكل أنموذجا ً ملموسا ً لهذا “البيت الكبير” المشرع الأبواب لاحتضان قاطنيه والاحتفاء بزائريه. يعد البيت اللبناني شعارا ً للفرادة والألفة والخصوصية في الوقت نفسه، وهو يختزل بجمالياته المعمارية وبزخرفاته الهندسية، وبدلالاته الغنية، وبوظائفه الاجتماعية التكاملية، لسان حال اللبنانيين الذين يسكنونه ويسكنون اليه، ويلتمسون في حناياه الدفء والأمان والاستقرار. فهم يجهدون لتشييده، ويبذلون الغالي والرخيص لانجازه، ويفتخرون بامتلاكه، ويفاخرون بتوريثه للأبناء والأحفاد.

يتمحور هذا المؤلف بشكل رئيسي حول مصطلحي “البيت” و”الدار” في مسمياتهما وتوصيفاتهما ودلالاتهما القاموسية منها أو المجازية، ناهيك بوظائفهما الكلاسيكية منها والمبتدلة. ويعرض نماذج لمروحة مفردات السكنى الأخرى (منزل، دارة، شقة)، ومصطلحاتها في اللسان العربي. انه دعوة مفتوحة للقراء للتعرف الى أنماط السكن الكلاسيكية منها والمستحدثة، لديهم ولدى أسلافهم، منطلقين بالطبع من البيئة اللبنانية الرحبة والمتنوعة التي لا تختلف كبير اختلاف عن مثيلاتها العربيات.

لقد اتسع نمط العيش اللبناني وعرف أبعادا ً جديدة في ظل الرؤية والتجربة والواقع في العقود الثلاثة. فالطراز المعماري التقليدي حافظ الى حد ما على نسيجه العمراني، وازدهرت المباني الحديثة والأبراج جنبا ً الى جنب في وسط بيروت الساحر والفاتن.

أما البيوت والدور والمنازل التي تتوزع على طول الشاطىء وفي جبال لبنان، فارتدت حلة ً جديدة رائعة الانطلاق. هذه التطورات الملحوظة التي لحقت بالبيت والعمارة اللبنانيين عكست بالطبع تبدل أحوال منشئيها وقاطنيها أو مالكيها ومستثمريها، كما أنها تزامنت مع النهوض الاقتصادي والآفاق الجديدة التي تعرفها التجربة اللبنانية في مطلع القرن الحادي والعشرين.

ان أكثر ما تظهر التطورات اللاحقة بالعمرانين المديني والريفي هو في اللغة التي تنبني وتتجدد أسوة بالبنى المعمارية والرؤى الهندسية، استمرارا ً لتلك العراقة الودودة والمستمرة بين البيت حاضن البشر ووعاء الذاكرة، واللغة حاضنة الموروث الثقافي والفكر الانساني. انها علاقة عضوية متفاعلة يسعى هذا الكتاب لبلورتها وتقديم زبدتها المعرفية للقارىء المهتم ورفده بحصيلة لغوية وافية عن ثقافة السكنى في لسان الضاد.

هذا الكتاب هو في الآن نفسه دليل على قدرة علومنا الانسانية المعاصرة على أن تتلاقى وتتفاعل وتتغاذى، كي تتشارك في طرح الاشكاليات والفرضيات، وتفسير المعطيات، وتزويد الدارسين بحصيلة معالجة ميدانية تسعى من خلال أنموذج مديني معاش لرصد بعض التحولات الثقافية والمتغيرات الاجتماعية التي تعيشها بيئاتنا العر بية. لذا نرى اللسانيات تتشارك مع علم اجتماع العمارة Social studies in Architecture ومع علم اللغة Anthropolinguistics ، لدراسة العمارة بوصفها منتجا ً اجتماعيا ً، ولتحديد وظيفتها بالنسبة الى المجتمع الذي صممها وأنتجها واستثمرها وتفيأ أبناؤه سقفها وجدرانها.

تمتلك هذه الدراسة اللسانية الاجتماعية والمستندة الى المعطيات اللغوية والغائصة في بحر المفردات التقنية المعمارية، منحنيين اثنين: ابداعي وتحليلي. وكي تستوفي أغراضها فهي تعتمد عنصرين متكاملين. الأول زماني، والثاني وظيفي يدرس الظروف الاجتماعية القائمة لتقرير نوع العمارة الملائمة. وبمقدور القارىء اللبيب أن يتبين عبر فصول هذا الكتاب التداخل العضوي لهذين العنصرين المتكاملين في رؤيتي كباحث لساني اجتماعي، وكمتابع للتاريخ الاجتماعي للمدن والعمارة، وفي دراستي لمكوناتها وتأثيراتها الثقافية الاجتماعية في مصمميها ومشيديها وقاطنيها سالفا ً وراهنا ً. فالبناء وأهله، والحيز الحضري الذي يشاد فيه، والعلاقات الانسانية التي تنسج في جواره، تشكل في المحصلة جوهر العمران البشري وروح المدينة التي لا يمكن أن ندخلها الا من خلال مفاتيح كلامها وعبر قاموسها المفرداتي المتخصص.

لكن ما هي الغاية من هذا الكتاب الذي يبحث في شؤون السكنى من وجهة نظر لغوية اجتماعية ويلامس في أن مجالا ً مستجدا ً، هو علم اجتماع العمارة؟ وما هي مسوغات العودة الى متون القواميس العامة أو المتخصصة؟ ولأي غايات جرى استنباش بطون الكتب التراثية العربية، والعودة الى أوعية النشر الحديثة، واستمزاج آراء” أهل البيوت” وقاطنيها، بحثا ً عن معاني ودلالات المصطلحات التي تتصل بمسألة السكنى ومستتبعاتها في لسان الضاد؟ وما هي فائدة اللاستبيان الذي يرصد تنوع استخدامات المصطلحات السكنية في البيئة الثقافية الواحدة؟ وأين هو موقع الناطق بلغة الضاد، والمعاني من شؤون السكنى وشجونها في خضم هذا السفر اللغوي الحافل بعشرات المصطلحات السكنية ذات المنحى الاجتماعي والمقاصد الوظيفية؟ تساؤلات محقة سنتلمس اجاباتها تباعا ً في فصول الكتاب.

ثمة مسوغات عديدة ساهمت في اخراج هذا المؤلف الى النور، وأتوقف عند ثلاثة منها:

– اللبس الحاصل في استخدام مصطلحي “البيت” و”الدار” ومقابلاتهما ومتعلقاتهما، ان في وعي الجمهور أو حتى لدى النخب، خاصة تلك العاملة في المجالات الاعمارية والهندسية المعمارية تحديدا ً. فاتساع الحقل الدلالي لمفردة “البيت” وأخواته، وفي مقدمها “الدار” هو في واقع الأمر دليل ثراء لغوي وتنوع في شيفرة السكن، ان في أساليب الاستخدام أو في المقامات التواصلية، ولكن حدوده غير واضحة المعالم بالنسبة الى جمهور المستخدمين.

– المقولات الشعبية التي راجت لفترة في أخلاد السلف، وخاصة تلك التي تبخس من قدر الفرد العربي في تعاطيه مع مواضيع العمارة والبناء وما اتصل بهما. وهذه الآراء التي شاعت في أزمنة غابرة، وضمن ظروفها التاريخية الاجتماعية بالطبع، لا تزال تتربع في بطون بعض كتبنا التراثية، وان خفت الى حد كبير تأثيراتها في الحياة العامة وفي أجواء العاملين في مهن البناء أو المهتمين بشؤون التراث وشجونه. ولكنها مقولات كانت تشيء، في زمانها، بقصور النظرة – بل محدوديتها – الى المهن اليدوية عموما ً، أو الى تلك التي تتصل بفنون العمارة على وجه التحديد. ونتوقف عند مثلين شعبيين وحكمة شعبية تدور في هذا الفلك: “قيمته قيمة المعماري عند العرب” و”قيمة البنا عند العرب”. ويضرب هذان المثلان لمن لا قيمة اجتماعية له. أما في الوقت الراهن فثمة تجربة سيئة لأحد الملاكين صاغها في حكمة شعبية جرت مجرى الأمثال “العمار بده فلوس وقعدة بالشموس ومعاشرة التيوس”. والمراد ب “التيوس” فئة “معلمي العمار” الذين يمتهنون هذه المهنة، ويكونون عادة أشباه أميين، أفظاظا ً وغلظاء القلوب، وفق تجربته الشخصية.

يبدو أن كلا من المعماري والبناء لم يكن لهما قديما ً مكانة في أخلاد مستخدمي العربية بوصفهما من أصحاب المهن المرموقة أو المحترمة أو المنظورة، اذا صح القول. ويظهر من فحوى هذين المثلين الشعبيين، ومن الحكمة التي صاغها أحد الملاكين حديثا ً، أن المهن اليدوية – بما فيها البناء عموما ً وتشييد العمارات خصوصا ً – لم تكن معتبرة عند أسلافنا، ولا استقطبت اهتماماتهم. واللافت أن مقالة صحافية تناولت “عقدة المهن النبيلة” لم تخرج عن هذا السياق. فقد أشار كاتبها بمرارة الى أن بعضهم يعد أن “أجر المهندس المعماري كصدقة عن روح الأموات”!

وعلى سبيل الانصاف، يقتضينا السياق الاشارة الى أن “مشيد أو معمر الحارات”، بمعنى مالكها، كان – ولا يزال – يعد من الموسرين. وفي هذا الاطار نفهم دلالة الشعر الانتقادي الساخر الذي أنشده الشاعر الشعبي عمر الزعني في معرض انتقاده صاحب مطعم في ساحة البرج (أبو عفيف البرهومي) بوصفه “معمر حارات…صاحب اجارات…محشي ليرات”. بمعنى أن هذه المهنة كانت “ربيحة” ومرغوبة، تدر على صاحبها مالا ً وفيرا ً. وفي سياق مكاني آخر يقارن الزعني بين صنفين من البشر لجهة نوعية سكنيهما: “أهل الشرف ساكنين بالكوخ.. وأهل الهوى بأعلى حارة”.

عملي في الحقل العام، بدية ً في مشروع “تنظيف مدينة بيروت” الذي نفذته شركة “أوجيه لبنان”، ومن ثم في مجلس الانماء والاعمار، حيث أتاحت لي مسؤولياتي الادارية والاعلامية أن أكون على تماس يومي مع العاملين في قضايا اعادة الاعماروالبناء والتنمية، وشؤون التصميم والتخطيط. فقد أنغمست أكثر فأكثر في عوالمهم، وتمليت من خطاباتهم، وغرفت من قواميسهم؛ فتألفت أذناني مع سيل المصطلحات والتعابير الرائجة في هذه العوالم. وأقبلت في أوقات لاحقة على الاستزادة من هذه المصطلحات في بطون القواميس والمراجع، ورفدتها بنتائج التحقيق الميداني الذي أشرفت على تنفيذه، حتى انتهيت الى حصيلة وافرة ومتنوعة منها. وها أنا أخضعها لمبضع “اللساني” الذي رفد “الاداري” في هذه التجربة؛ قراءة ً وتصنيفا ً، وتشقيقا ً وتركيبا ً، وشرحا ً وتنسيقا ً وتحليلا ً، وأضعها بتصرف القراء العرب.

هذا المؤلف المختص والجديد في نوعه وفكرته هو عبارة عن أضمومة مفرداتية ودلالية متخصصة، تنطوي على معلومات مثبتة وموثقة عن معاني ودلالات الدوروالبيوت والمنازل والشقق والحارات والمباني وسواها في تبدل أحوالها ووظائفها. وكمؤلف معني بالشأنين المفرداتي اللغوي والدلالي علاوة ً على الجانب المعماري التقني بمعانيه العمرانية ووجوهه الانسانية، رفدت الحصيلة المفرداتية المنسولة من أوعية النشر المتخصصة بجملة خبراتي اللسانية منها والاعمارية والشخصية، التي راكمتها على مدى ثلاثة عقود ونيف.

يقع هذا الكتاب في منزلة بين منزلتين؛ فهو ليس مجرد قاموس جديد مختص بمصطلح علم من العلوم، له خصائص تفرده عن سواه، ويتخذ موقعه في المكتبة العربية. ولا هو مؤلف لساني الطابع، لغوي المنحى، وان غلبت على مواده التصنيفات اللغوية، وأفاد من المنهجيات اللسانية الحديثة في جمع المعطيات من مصادرها الشفهية من جهة، ومعالجة البنى اللغوية للمسميات ورصد مكونات تعاريفها ومعاينة تطور دلالاتها من جهة ثانية.

انه كتاب يجمع بين النافع والممتع، أي بين متعة القراءة والشغف في استقصاء أصول مصطلحات سكنية شائعة نفعية المنحى في حياتنا اليومية ومعانيها. كما أنه يعود بالفائدة على قارىء العربية ويثري محصوله اللغوي، يطلعه على أصول التسميات وكيفيات تطور دلالاتها واستخداماتها وفق تبدل الأحوال والسنن والظروف. فللغة منه مكانة أساسية وللسانيات نوافذ مشرعة، وللمعلومات الهندسية المعمارية حصة وافية، ولتاريخ مدينة بيروت العمراني حيز ملحوظ تجتمع هذه الاهتمامات المتكاملة في سفر واحد مدعم بالمعلومات اللغوية والشروحات المسهبة، ومزين بالصور وبالرسومات الابضاحية، لتشعر الفرد العربي بأن البيت الذي يسكنه والدار التي يسكن اليها، انما هما مكونان أساسيان من مكونات اجتماعه الثقافي.

وتطبيقا ً للمبدأ القائل بأن “الانساني” يواكب “اللساني” في مختلف الأدوار والسياقات على الدوام، لا يسعني كباحث في درر بحر اللغة، متصيدا ً منها مفردة “البيت” وصنوها “الدار” الا أن أستهل هذا المؤلف بفقرة أصمنها رؤيتي وتجربتي الشخصية مع البيت شؤونا ً وشجونا ً، ناهيك بتشكل وعيي لمؤسستي “البيت” و”اللغة” اللتين تأتلفان معا ً، ان في مساري المهني الأكاديمي أو في هذا الكتاب بالذات.

أستعرض في القسم الأول أصول تسميات البيوت ورصد أدوارها في الاجتماع الثقافي وأحلل المعطيات المجموعة ميدانيا ً أو من خلال المؤلفات والقواميس اللغوية والمتخصصة، وأتابع تطور دلالاتها، وأدرج ختاما ً مدونة بمصطلحات السكنى والاقامة في اللسان العربي.

أنحو في القسم الثاني منحى ً ثقافيا ً. اذ رفدت المعطيات اللغوية / المعمارية بالرؤية الثقافية لمعنى العمران، وهي رؤية طورتها منذ أن بدأت الاهتمام بالتزاوج الحاصل بين المسألتين الثقافية والاعمارية في مجال النهوض الاقتصادي للبنان بعد وضع لتفاق الطائف موضع التنفيذ. كما توسعت في دراسة مفهوم “البيوتات والبيوت السياسية” في لبنان، ناهيك بالدلالات المتنوعة لمفاهيم “ترميم أو ترتيب أو تصدع البيت”، المتداولة بوفرة راهنا ً، بدلالاتها المكتسبة، في أدبيات السياسيين اللبنانيين والعرب والأجانب، مثلما في الخطابات الاعلامية والادارية والفنية وحتى تلك الأممية.

وبعد هذه المقدمة أستهل قسمي الكتاب ب “فاتح شهية” هو عبارة عن فقرة موجزة أستميح قرائي عذرا ً لأسرد فيها ملامح من سيرتي الاسكانية في مسقط رأسي بيروت.

Al Beit by Nader Srage,
Size 28 x 20 x 1.5 cm, 228 pages with illustrations

Additional information

Weight 1.0 kg
Dimensions 1 × 1 × 1 cm