Home/

الفكاهة عند العرب للدكتور أنيس فريحة

الفكاهة عند العرب للدكتور أنيس فريحة

$32.60

الفكاهة عند العرب للدكتور أنيس فريحة

Description

كتاب الفكاهة عند العرب للدكتور أنيس فريحة – دار الفلسفة – الدار العربية للموسوعات Softcover book, 23×16.5 cm, 252 pages

الى سيد الفكاهة اللبنانية وأميرها نجيب حنكش.

مُقدمة

أولا : جاءت هذه الدراسة نتيجة اهتمامنا بموضوع الخلق القومي، أي التعرف الى الصفات العقلية والروحية التي تميز امة عن أخرى. هنالك أساليب عديدة مختلفة يتبعها أصحاب هذا العلم . فمنهم من يتخذ دين القوم مادة يتعرف بواسطتها الى المازيات والسجايا التي يتصف بها شعب ما ، ومنهم من يتخذ الأدب ، او التاريخ ، او الفولكلور بما في ذلك من عادات وعقائد وأساليب عيش و آداب سلوك وتصرف. ولكن افضل مادة لدراسة الخلق القومي هي درس اكبر عدد ممكن من الشخصيات التي يفترض فيها ان تكون احسن ممثل لأكبر عدد من افراد الأمة التي يعنى المرء بدراسة خلقها العام المميز .

ولكن للمرء عديد من الشخصيات ، فإنه في بيته غيره في مكتبه او معبده أو سهرته أو اذا خلا لنفسه . أما نحن فقد اعتبرنا جو الفكاهة والضحك والمرح افضل جو يكون فيه الإنسان على سجيته الأولى، فلا تكاف ولا تصنُّع ولا ازدواجية في الشخصية. ومن هنا كانت عنايتنا بجمع أفضل النماذج من الفكاهة والنكتة العربيتين لتكون في متناول دارس الخلق العربي . ولكن هذا لا يعني ان الفكاهة هي المقياس الوحيد . يجب ان يكون هنالك معطيات أخرى تكمل دراسة الشخصية .

ثانياً : نعترف ان في عنوان الكتاب قدراً من الإسراف . فقد يتبادر الى الذهن ان هذا المؤلف يشمل جميع ما في المكتبة العربية من فكاهة ونكتة وملحة . الأمر على نقيض هذا . فما تحتوي عليه هذه الدراسة من فكاهات ونكات ليس سوى جزء يسير يسير مما هو مبثوث في كتب التاريخ والأدب والسير . وقد لا نغالي اذا قلنا ان الفكاهة تتخلل معظم الكتب العربية الرئيسية التي يرجع اليها طلاب الأدب والتاريخ . فقد يكون موضوع الكتاب رصيناً لا علاقة له بالفكاهة ولكنك تجد المؤلف يروي نكات ونوادر تدعو الى الاستغراق في الضحك .

وفضلاً عن هذا ، فإننا استنكفنا عن ذكر الفكاهة أو النكتة البذيئة اشفاقاً على الذوق العام الذي قد ينكرها اليوم، أو خوفاً من المراقب الذي لا يسمح بنشرها . وهذا أمر يؤسف له كثيراً لأن أجمل الفكاهات وأحسن النكات ـ بالنسبة لتعريفهما ـ هي التي نستنكف عن نشرها ، ولكننا في مجالسنا الخاصة نتندر بها ونفكه بها غيرنا . ولذا نطلب الى القارئ الكريم ان يعتبر هذه الفكاهات نماذج قليلة العدد تمثل روح الفكاهة العربية إبان تكامل نضجها في العصر العباسي .

ثالثاً : ليس هذا الكتاب كتاباً في التاريخ بالرغم من أن المادة فيه مستمدة من مصادر التاريخ والأدب . عندما نروي فكاهة أو نكتة حدثت في مجلس خليفة ، أو كانت تدور حول قاض محترم ، أو رجل دين متزمت ،متشدد ، فإننا لا نريد أن نقول للقارئ ان هذا تاريخ مثبت أو حقائق راهنة . فقد انبرى ابن خلدون قدماً للدفاع عن الرشيد بقوله انه كان يشرب نبيذ التمر لا نبيذ الزبيب ، وان اكثر ما يتقوله الناس عن الخلفاء ورجال الدين هو بهتان وكذب . وقد يستاء بعض القراء من ذكر صلاح وأتقياء بمعرض الفكاهة . لهؤلاء نقول إننا نذكر هذه الفكاهات على انها تمثل عواطف الناس ورغائبهم . فانهم يجهدون في إيجاد مبررات للترخيص ، وهل أفضل من تصرف الخليفة او الإمام أو الواعظ أو القاضي مبرراً ؟

نريد ان تؤكد مرة واحدة اننا اذا نقلنا عن «صاحب محاضرات الأدباء» أو عن «الأغاني» او عن « العقد الفريد » و «عيون «الأخبار» والبيان والتبيين » و « نهاية الأرب» فكاهة، أو نكتة ، أو وصف مجلس شراب ومجون ، فلا يعني هذا اننا ننظر الى هذه الأمور على انها وقعت فعلاً، بل على انها تمثل رغائب الناس وميولهم . وقد يكون الكثير مما رووه عن الجواري والقيان ، وعن مجالس الشراب التي كان يعقدها الماجنون العابئون أمثال مطيع بن أياس وحماد عجرد والحسين الخليع ووالبة بن الحباب وأبي نواس وعن التهتك واقتراف المحرمات ، غير صحيح، أو يشتمل على كثير من الأسراف والمغالاة ، انما ذكرناه لأننا نعنى بالفكاهة سواء أصحت حوادثها تاريخياً أم لم تصح .

رابعاً : كذلك لم نعن بتحقيق زمن ظهور الفكاهة او النادرة ، ولم نبال بمن كان واضعها . ذلك لأن كثيراً من هذه الفكاهات التي وردت في كتب ومطولات قديمة العهد عادت وظهرت في كتب متأخرة نسخت عما سبقها من المصنفات ، لأن الفكاهة تصبح مشاعاً يتناقلها الناس زمناً بعد زمن . ولا نشك في ان تحقيق الزمن الذي ظهرت فيه الفكاهة ومعرفة واضعها دراسة تاريخية ممتعة . ولكننا ، كما قلنا آنفاً ، لم نعن بهذه الناحية . فكنا اذا عثرنا على نكتة في كتاب « المستطرف» او في » محاضرات الادباء » او في « المستجاد » ، بالرغم من أنها كتب ليست بقديمة العهد، نسخناها وأشرنا الى مصدرها دون الرجوع الى المقابلات . وكثيراً ما تكون الفكاهة في شكلها المتأخر احسن صياغة وأدعى الى الضحك مما كانت عليه في شكلها الأول. فان القاص الثاني او الثالث يضيف ويزيد طلباً للإجادة. ولكن اعتمادنا الأول كان على الأغاني » و « العقد » و « عيون الأخبار » و « البيان والتبيين » .

خامساً : في أثناء مطالعاتنا عثرنا على كثير من الفكاهات والنكات والنوادر التي لها مقابلها في يومنا هذا . وكان حرياً بنا ان نرد كثيراً من الفكاهات العصرية الشائعة الى أمثالها من الفكاهات التي وردت في المصادر القديمة. أذكر ان صديقاً لي تحداني مرة بقوله : «سأعطيك مثلاً لم تسمعه من قبل وكان ذلك بمناسبة صدور كتاب لي عن الأمثال العامية . قلت : هات؛ واذا به يذكر مثلاً لم اسمع به قبلاً ، ولكنه بالغ البذاءة والفحش . وشد ما كان عجبي عثرت عليه كثيراً في مصادر قديمة. وأذكر أيضاً سماعي قصة عن امرأة من آل الخازن تخاصمت مع سائق عربة ، فأهانها فشكته الى القاضي ففرض عليه غرامة طفيفة . فما كان من الخازنية إلا ان شتمت القاضي وأهانته في غرفة المحكمة وقالت: إليك بضعفي هذه الغرامة ، أو ما اليه . وقد روى صاحب « محاضرات الادباء » قصة عن المهدي لا تختلف عن هذه بشيء. نقول ، كان بودنا لو اننا قمنا بمثل هذه الدراسة ، ولكن نكرر ما قلناه آنها اننا لم نعن بالتاريخ . كان همنا ينحصر في جمع الفكاهات لتكون يوماً مادة لدراسة الخلق العربي كما يتراءى من خلالها .

سادساً : قد لا يرى القارئ الكريم في هذه الفكاهات والنكات ، التي اخترناها نماذج للفكاهة العربية، ما يدعوه الى الضحك ، او حتى الى الابتسام ، فيتساءل عندها اذا كان المؤلف قد وضع لنفسه أحكاماً أدبية ذوقية بنى عليها اختياره . وجوابنا عن هذا السؤال ، اذا خامر ذهن القارئ ، هو ان ذوقنا الخاص وتجاوبنا العاطفي مع مختلف المواقف المضحكة كانا المقياس الذي اتخذناه للاختيار . المسألة مسألة ذوق وذاتية . كنت ، في أثناء قراءاتي ، أدون النكتة او الفكاهة التي تضحكني ، فاذا لم يضحك معي القارئ الكريم فاني أعذره ، لأن المسألة مسألة ذوق ، وقديماً قيل لا مشاحة فيه .

وأخيرا كلمة شكر وامتنان أرفعها الى مؤسسة روكفلر التي لولا عونها المالي « لهيئة الدراسات العربية » في الجامعة الأميركية ، لما رأى هذا الكتاب النور . وكذلك أرفع شكري الى الدكتور نبيه امين فارس على مساعدته وتشجيعه ، والى الدكتور احسان عباس والشيخ عبد الله العلايلي اللذين قرأ المسودة وزوداني بكثير من الملاحظات القيمة .

انيس فريحة
في الأول من نيسان ١٩٦٢ الجامعة الأميركية في بيروت
بيروت ، لبنان

تقع المسؤولية علينا لإرسال الكتاب الذي تطلبه، من خلال بريد سريع برقم تتبع ، مما يضمن استلام الطرد. قد يستغرق وصول الكتاب ما بين يومين وخمسة أيام ، وفقًا للبلد الذي تم إرسال الكتاب إليه.

Additional information

Weight 0.75 kg
Dimensions 1 × 1 × 1 cm