رئيف خوري – الكاتب التنويري

Description

كتاب رئيف خوري – الكاتب التنويري نسق الكتاب الدكتور ربيعة أبي فاضل، الدكتور عصام خليفة، الأستاذ رياض خوري، الأستاذة ملكة رئيف خوري Hardcover book, 24.5×17.5 cm, 258 pages

رئيف خوري صديق الإنسان

لماذا كرم الأديب رئيف خوري، بعد مئة عام على ولادته، وست وأربعين سنة على وفاته؟

ولماذا لم يكرم من قبل، فهل الزمان الذي نحن فيه، بات زمانا بلا أدب؟ وهل المكان الذي نحن فيه بات عتمة للخفافيش، وللقوم البور، يذهلهم ما قد حضر عن ذكر ما مضى، ويشغلهم اكتساب النشب عن ثروة الأدب، وهول البطر عن بهاء القمر ؟!أما تكريمه، ولو متأخرا، سواء بالأبحاث حول كتبه (اليونيسكو)، أو بالنُصب التذكاري/ في نابيه، أو بتجديد طباعة نتاجه، أو بالمؤلفات عنه، أو بتجميع كلماته الضائعة في الصحف والمجلات، أو بإحياء القيم الفكرية والإنسانية التي احتضنها، وعمل على تنميتها، والارتقاء بها، فهي إشارات تهدي إلى سراج مشتعل أبدا، وله في قلوبنا، وضمائرنا، نور لا يخبو، وأثر لا يمحى، وأرج لا يحول.

إن وزارة الثقافة، والحركة الثقافية – أنطلياس – والمجلس الثقافي للبنان الجنوبي، وعائلة الأديب خوري، وبلدية نابيه، والبلدة التي احتضنته، واحتضنها، والأصدقاء الذين عرفوه، وقدروه، إنما أحبوا، في المئوية الأولى، على ولادته، فكرا كان للتراث حياة، وللأمة نهضة، وللإنسان أخا، وللعدالة أبا، وللعقل صديقا، وللالتزام حرية، وللثقافة راعيا. ولقد أبقى الإنسان القيمة العليا في الوجود، يحب الله من خلاله، ويرى السماء في سعادته، ووعيه، ويحذر من أن الكارثة تكمن في انهيار الإيمان به، وبحقه في حياة كريمة.

وانماز هذا الأديب الراقي، بالبعد عن الوجاهة، والترف، وجمع المال، من وراء الأدب، لان ذلك، كما قال، مجلبة للفساد، وسبب يسلبنا الخصب، والقوة، والعمق، والحق، و الحرية، وهذه الأخيرة هي الشرط الأساس للتطور والنمو،
والكرامة. ولكونه ألزم نفسه خدمة الحرية، فهو حرم نفسه من الفردية، وكل أنواع الأنانية والانشراح، وبقي طوال حياته، مترفعا، رسولًا، خادما للكلمة، والعبارة، والحقيقة، كما تطلعها جميعها بعد نضج. أولم يصرح بأنه تربى تربية حميدة على إنكار الذات في سبيل المجموع، وفاقا للتقاليد المسيحية، ورمزها المسيح الذي أنكر ذاته في سبيل الإنسانية ؟

وهو أصيل أيضا، بتعلقه بأرضه، وقيمها، وكثيرا ما كرر: «أفليس عظيما هذا الشعب الذي يخلق أرضا على الصخر»؟ لذلك اتسمت كتاباته بالانفتاح القومي والإنساني، وبالإخلاص لجذوره، منطلقا، في بناء إنسانية أفضل، من العائلة، والحقل، والقرية، والوطن، والمحيط الأوسع. وبدهي القول إنه أفنى حياته في خدمة العرب وقضاياهم، ولبنان ورسالته، وجماله. لكن شعوره بالانكسار والإحباط، تجاه ما سماه النهضة العربية الثانية، كان حقيقيا، ولو مرا. فالمبدع في هذا الشرق، يرحل وحيدا، بعد أن يلقي مزاميره على ضم، بكم، عمي، لا يصغون حتى إلى نبض القلوب.

أما لماذا كتبت عن رئيف خوري، بعد أن أصدرت ثلاثة كتب عن أنطون سعادة، ناقدا وأديبا ولغويًا، وكيف قدر لي أن أكرم الاثنين، في نقدي الأدبي، وهما لا يلتقيان، كما تساءل أحد الباحثين! فالواقع أن ما يهمني عند كليهما، ليس السّياسة، أو المطبات الحزبية، أو الخلافات القومية، إنما هو الفكر العلماني المنفتح، المؤمن، الذي جمعهما. وهو الطريق الوحيد إلى حماية هذا الشرق من العواصف الدموية المتطرفة، الآتية من مستنقعات الغرائز، وقبائل التكفير، في حين نسعى معهما، إلى التفكير و التنوير والبناء، على أُخوة إنسانية، وروحية راقية. إن أدبي، ببعديه الإبداعي والوصفي، لا يبوق إلّا للحق، وذلك منذ كلمتي الأولى، إلى أن ينادي الله هذه الروح. وهل الحق غير أن نرى وجه الله في الإنسان، وأن نحبه، ونرتقي بحياته.

ولذلك أقول، هنا، شكرا لك رئيف خوري، لقد أيقظت أعيننا لنرى، وقلوبنا لتنبض، وعقولنا لتدرك أن ثمة مجالات للصراع، والكفاح، أيضا، من أجل الحرية، وحقوق الإنسان، ومن أجل القيم، وبخاصة العدالة، ومن أجل عرب هم في
أمس الحاجة إلى العقل المعتزلي الواعي. لقد أعاد غيابك إلى حضورنا حرارة النضال والنهضة، فنورت الطريق من جديد، ما أوحى حتما، بأن نصك طاقة حية، تتنامى في وجودنا، وفي طموحنا، وفي سلوكنا اليومي. أولست، حقا، طليعة كتاب التنوير في ليل هذا الشرق المصلوب؟!

ربيعة أبي فاضل

تقع المسؤولية علينا لإرسال الكتاب الذي تطلبه، من خلال بريد سريع برقم تتبع ، مما يضمن استلام الطرد. قد يستغرق وصول الكتاب ما بين يومين وخمسة أيام ، وفقًا للبلد الذي تم إرسال الكتاب إليه.