جونيه عبر حقب التاريخ
$ 37.00
كتاب جونيه عبر حقب التاريخ تأليف الشيخ وهيبه الخازن و الأستاذ واكيم بو لحدو
- Description
- Shipping & Return
Description
كتاب جونيه عبر حقب التاريخ تأليف الشيخ وهيبه الخازن و الأستاذ واكيم بو لحدو 1982
Softcover book, 24×17 cm, 560 pages
المقدمة
تميز الربع الأخير من القرن العشرين بشدة الوعي التاريخي وسرعة انتشاره، وذلك من جراء التطورات السريعة في كل جانب من جوانب العمل والفكر والتقلبات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية.
اما الغاية التي ينصرف التاريخ اليها، فهي استكشاف حقيقة الماضي بأدق طرائق الاستقراء والاستنتاج، وعن طريق المدوّنات والمخلفات ونقدها لاستخراج الوقائع الجزئية واستنباط صور الاحداث الغابرة، والرغبة في العودة الى الماضي لاستجلائه ولاستيحائه في فهم الحاضر، وصنع المستقبل، وقد قيل “التاريخ يعيد نفسه”.
اما تاريخ جونيه هذا، فقد كان جواباً من التطورات السريعة التي لحقت بهذه البلدة الجميلة ونموها الهائل خلال سنوات معدودة، وعلى تساؤلات بعض الأصدقاء عن ماضيها، وجهل الكثيرين من ساكنيها عن کل شيء عنها، حتى ان بعضهم لم يذكر او يتذكر عنها، سوى كلمة «غريب» التي يتنادرون بتردادها قائلين ان من سكن جونيه ولو بقي دهراً هو دائماً الغريب، بينما الواقع اثبت العكس وبين رحابة أهلها وكرمهم، ومحبتهم للناس واهتمامهم بالضيف.
وسبب قول «غريب» عن لسان أهل جونية مرده الى أن أحد البطاركة في الماضي القريب ويقال انه البطريرك بولس مسعد، كان يمنع أهلها، وأهل كسروان عموماً، بيع أملاكهم الى الارساليات الأجنبية، أو الى الغرباء المقيمين في المنطقة، مهما طالت اقامتهم، سوى بإذن خاص من السلطات الدينية، الأمر الذي كان يجعل الأهالي يمتنعون عن تمليك الأجانب، فشاع عنهم قول «غریب» بهذا المعنى مع العلم ان هذه البلدة عرفت بالمحبة والألفة وبكثرة ساكنيها وقاصديها من جميع الطوائف والفئات الجمال طبيعتها، ووجود المدارس المتعددة فيها، والمناخ الأمن والاستقرار والألفة والتعاون الذي تميزت به منذ الماضي حتى اليوم .
ان الرغبة في العودة الى الماضي كانت تراودني عند سماعي حكايات الآباء عن جونيه وبصورة مسهبة لا تشفي الغليل لكنها قادتني يافعا في تجوالها مطافات حالمة، ونزهات عذبة، وتنقلات بريئة، عبدت دروبها، جيئة وذهاباً من نهر الكلب الى رأس الطير، الى صخرة الباطية الى وادي المعاملتين . . . وكان مع كل خطوة يبرز سؤال ومع كل نظرة ترتسم على أفق الخاطر علامة تعجب واستفهام، وعلى كل منعطف مفاجأة تثير استجواب التاريخ، فلا الاخبار، مهما طابت تروي ،الغليل ولا الروايات مهما عذبت تحد من اللهفة الى الاطلاع على ماضيات السنين .
حكايات ومطافات احكمت في عمق كياني حبي لبلدتي جونية، حباً تفجر في وعيي وعياً ان للمرء بعدين متلاصقين عليهما تتركز اصالته وتتبلور جذوره التاريخية وتطلعاته المستقبلية . الانكفاء على اجترار الماضي يعطل ،الاصالة تماماً كالهوس المحموم للمستقبلات المجهولة، وهكذا، حبي لبلدتي لتطورها ،لازدهارها يتلاقى مع حبي لماضيها، لما ترويه امواجها هامسة او مزمجرة، يردّد صداها جبل شامخ تسهر عليه وعليها عذراء العالم وحارسة لبنان .
حبي لبلدتي ،جونية، وقد ايقظ في الشعور بما للتاريخ من وزن في ترسيخ اصالة الافراد واصالة الجماعات واصالة الحضارات، يسأل كمن اصيب بألم النكبات، يسأل : اين جونية القديمة، الصغيرة الجميلة، النقية، الطاهرة عشيقة الصبا؟ أين بيوتها القرميدية الحمراء؟ أين بساتينها المزينة بألف لون ولون؟ أين طرقاتها النظيفة المعطرة برائحة زهر الليمون؟ أين شاطؤها المهفهف المضياف؟ اندثر معظمها ولعبت به اقدار غاشمة.
هل من أمل بان سنبقي على اليسير الذي ما زال صامداً مما أورثناه الأجداد من قيم وكنوز تجسدت في الحفاظ على بهاء الطبيعة ، وفي انسجام الأبنية وتناغمها مع ما حولها من مناظر وبساتين ومساحات خضراء ؟ ام سنستمر على خيانة التاريخ بجهلنا أو تجاهلنا له حذار فالتاريخ يثأر لذاته، يثأر بلا رحمة والمؤشرات تدل على انه بدأ يغضب.
انا على يقين بأن حكاية جونيه هي حكاية أكثر من بلدة لبنانية، كما ان شعوري هو ايضا شعور الكثيرين من اللبنانيين تراثنا اوشك ان يندثر بكامله، فهل اقل من أن نكتب تاريخه وفاء للسلف وعبرة للخلف فكان لا بد من أن نضيء ولو شمعة واحدة بدلاً من ان نصرف الوقت في توجيه اللعنات الى الظلام !!!
وهكذا انطلقت فكرة كتابة تاريخ جونيه، فتحمّس لها بعض الاصدقاء من رجال الفكر عندنا، وللحال تجندوا للعمل الجدي وساعدهم على تذليل الصعوبات ما لاقوه من التجاوب والاسهام والحماس لدى كافة المؤسسات الرسمية والخاصة والفعاليات الدينية والسياسية . فلهم جميعا خالص الشكر.
وما نضعه الآن بين أيدي القراء، ليس سوى المرحلة الأولى من المشروع، وهي المرحلة الصعبة منه … لقد اقتصرت على إظهار تاريخ جونيه القديمة، تاريخ كل ما كان قائماً في الماضي حول هذا الخليج الساحر، ثم على تجميع الوثائق والمستندات والمعلومات التاريخية عن كل ما هو قائم ومعروف في جونيه الحاضرة الى أول عهد الاستقلال. لكن المعلومات عن الناحية الاجتماعية والثقافية والعمرانية تجاوزت عهد الاستقلال الى يومنا هذا، فبقيت الناحية التاريخية القريبة منذ سنة ١٩٤٣ وما بعد، سيتم تحضيرها مستقبلا بدراسة ثانية ربما تتبع هذا الكتاب مباشرة، وقد بذل المؤلفان كل الجهود لكي يأتي هذا القسم الأول كاملا وشاملاً قدر المستطاع.
فلها كل التقدير والشكر والله ولي التوفيق.
المحامي كميل الفونس فنيانوس
تقع المسؤولية علينا لإرسال الكتاب الذي تطلبه، من خلال بريد سريع برقم تتبع ، مما يضمن استلام الطرد. قد يستغرق وصول الكتاب ما بين يومين وخمسة أيام ، وفقًا للبلد الذي تم إرسال الكتاب إليه.








