Home/

الانقلاب على الطائف – ألبير منصور

الانقلاب على الطائف – ألبير منصور

$12.00

الانقلاب على الطائف – ألبير منصور

Description

الانقلاب على الطائف – ألبير منصور – دار الجديد (كتاب مستعمل)

23×15 cm – 288 pages

لست مؤرخاً وهذا الكتاب ليس بتأريخ للطائف.

هذا كتاب في السياسة وليس عهـدي في السيـاسـة أن أكون محايداً. كذلك فإن ما أقوله اليوم علناً هو هو ما كنت أقوله أثناء تولي المسؤوليات التي عهد بها إلي وهو هو ما كنت أمارسه من خلال هذه المسؤوليات.

لقد كانت مخاوفي من انقلاب الحـل مأساة، ومشروع السّلام الأهلي مشروع فتنة دائمة، السبب الحقيقي لخلافي المستمر مع أهـل الحكم منذ أن شاركتهم فيه إلى حين أبعدت عنه.

وإذ تحققت هذه المخاوف أرى واجباً علي، من خـارج موقع المسؤولية، أن أشهد للاتفاق محاولا تلمس سبل إعادته لما وضع له أصلا: حلا لمأساة.

المقدمة

الكتابة عن السياسة قصور عن الفعل فيها.

يوم كنت في دائرة الفعل ـ أو ظننتُ ذلك ـ لم أشعر بحاجـة إلى الكتابـة والتأمل. ثم إن صانع الشيء لا يكتب عنه.

والقصـور عن الفعل يكون إما إرادياً أو إكراهـا، تبعاً لرغبة المرء في إرضاء نفسه. فمن عـز عليه الاعتراف بالعجـز أو بـالـرضـوخ لـلإكـراه. استحضر الإرادة والرغبة ونسب عدم إمكان الفعـل في السياسة إلى الزهـد فيها، وعدم إمكـان ممـارستـهـا إلى التـرفـع عنها وعن أهلهـا. أولم يصف أفلاطون الفلاسفة بـأنهم «نفوس طيبـة المولد لم تستطع أو لم تشأ أن تمارس السياسة»؟

إلا ان الكتابة فعل وإن كانت من نوع آخر. هي فعل بذاتها وإمكان فعـل عنـد الآخرين إن هي أخـذت بهم بصدق مـا تروي، وهمت بهم بصحـة مـا تشير، ودفعت بهم بزخم ما تختزن من حقيقة وحرية.

أراني أجبت عن لماذا أكتب؟ ولكن لماذا أكتب عن اتفاق الطائف؟ فلحاجة لم أستطع، بالفعل، إشباعهـا فلجأت إلى الكتابة عسى بهـا استدرك مـا فات وأقوله. وفعل القول شهـادة للحريـة والحق. فحيث عجزت عن التصحيح والتصويب بالفعل أحاول اليـوم بالقـول، وهذا أضعف الإيمـان. ولو كـان اتفاق الطائف يطبق اليوم على حقيقته، لما رأيتني بحاجة لقـول أي شيء أو حتى لفعل أي شيء، إلا المساعدة على الاستمرار في ما يطبق. أما وانه يشوه يومياً ويفرغ من محتواه ويحـور في اتجاهـه وينقلب إلى عكسه، فمـا من مخلص ساهم في صنعه أو اقتنع به أو رحب به حلا لمأساة وطن، يستطيـع أن يسكت عما يجري كي لا يوصف عن حق بشيطان أخرس.

إن مـا ينفذ اليـوم ليس اتفاق الطائف. بل ان مـا يتم تنفيذه يؤدي إلى عكس ما أراد الاتفاق وأهله. فهو يتحـول من اتفاق وفـاق وطني إلى مشروع فتنة دائمة، ومن إيقاف وإنهاء للحرب الأهلية (أو للحـرب في لبنان أو على أرضه!) إلى آلية جديدة لإعادة إنتاج أسبابها وإعادة إنتاج الظروف التي ساعدت في اندلاعها، ومن مشروع ترسيخ عـروبة لبنـان وتمتين عـلاقـاتـه المميزة مع سوريا إلى آلية لإعادة إنتاج أسباب العـداء لسوريا والعرب ، ومن مشروع لاستعادة السيادة الوطنية على قاعدة الخصوصية الوطنية اللبنانية إلى التفريط بهذه السيادة وإلى ضياع للخصوصية الوطنية، ومن مشروع لاستعادة القرار الوطني المستقل لبناء دولة مؤسسات إلى مصادرة لهذا القرار وبناء محمية تابعة.

ليس هذا ما أردناه في الطائف وليس مـا طبق ويطبق هو مـا رمينا إليـه من وراء الاتفاق. لذا وجب القول بعد الفعل ومتابعة الفعل بعد القول، لأن ما اردناه هو بناء دولة في وطن وما يبنى اليوم مزرعة في محمية.

أما لماذا أقول اليوم وقد أعطيت أن أساهم في تطبيق الاتفاق وحسبت من الأساسيين في تنفيذه؟ فلأن مـا أقولـه اليوم علناً كنت أقولـه وأمارسـه من خلال ممارستي للمسؤوليـة وقد شكل السبب الحقيقي لخلافي المستمر مع أهـل الحكم ومن وراءهم منذ أن شاركت في الحكم إلى يوم أن أبعـدت عنه. وأبعـدت عن الحكم بسبب تشبثي بهذا الموقف وعنـادي فيـه ومصـادمتي جميع المسؤولين بسببه.

والكل يعلم كيف تم استجداء إبعـادي عن الحكم وعن مجلس الوزراء لتعـذر الحكم بوجـودي فيه، وعن المجلس النيابي لاحقاً. والكل يعلم أن تعذر الحكم بوجـودي في مجلس الوزراء مـرده إلى تشبثي بتنفيذ اتفـاق الطائف وفق أصولـه بمواجهة محاولة الآخرين الـدؤوبـة لتفـريـغـه من محتواه وتحويله إلى عكسه.

لقد حاولت أن أصحح من موقع المسؤولية، وبالتصرف الأخلاقي الـذي يمليه مقامهـا، مسار الأمـور فما استطعت. حـاولت بالمقاومة المسؤولة من داخل الحكم أن ينفذ اتفاق الطائف كما يجب فلم أفلح .

فكان لا بد من إعلان أسباب الفشـل كي يتم التصدي الجماعي لها، لأن التحولات التي حصلت والنوايا التي تهدف إلى تحوير الاتفاق أكبر بكثير من إمكانات مسؤول فرد في موقع معارض داخل مجلس الوزراء أو سواه من مؤسسات الحكم.

أما لماذا اليوم وبعد الانتخابات المهزلة؟ فلأن صورة الانقلاب على اتفـاق الطائف اكتملت بهذه العملية التي تمت في صيف ١٩٩٢. وما حاولنا تداركه من داخل مؤسسة الحكم وبالجهد الفردي أصبح أمراً علنياً يمارس من غير خجل ولا مداراة: إنهم يمسخون الدولة للنيل من الوطن وقد أصبحـوا على قاب قوسين أو أدنى من النيل منه.

لبنان الذي عرفنا وأردنا تتم اليوم محاولة إنهائه، فلا بد من الشهادة له علناً على قدر علنية المؤامرة وعلى قدر الرغبـة في طلب التكفير عن التأخر في الشهادة العلنية وإن كانت للتأخر أسبابه وأعذاره.

وأسبـاب الـتـأخـر عديدة وقولهـا واجب أيضاً لإرضـاء الذات وإظهـار حدودها.

تأخرت عن الشهادة العلنية منـذ ارتضيت مكرهـا المشاركة في حكومـة الثلاثين. والإكراه يومها إكراه صداقة معنوي مضمونه عدم التسبب بإمكان إيذاء صديق وحليف، لم تكن قناعته بسـوء ما يحـاك قد اكتملت في حينـه، فكان أن «علينا المشاركة في حكومة الثلاثين كي لا يقـال اننا نخـرب الوفـاق الوطني…

وتأخرت يـوم ترددت بحكم الصـداقة ذاتهـا في الاستقالـة من حكـومـة الثلاثين لعدم تحميل الصداقة والحلف إياهما دم تلك الحكومة. وقد أعلنت ذلك في حينه في جـواب على سؤال صحفي أمـام المقر الرئاسي يـوم قلت: «لا أن أحمل دم هذه الحكومة».

وتأخرت حين فرض علي السكوت، بموجب المقتضيات عينها، عن قانـون الانتخاب الذي بدا جلياً فصيحاً في إعلان ما يجري تحضيره.

وتأخرت حين قبلت المشاركة في الانتخابات مع معرفتي الأكيدة بمـا قرر بشأن نتائجها أحد عشر يوماً قبـل إجرائها. لججت يومها على الرئيس الحسيني لإعلان عدم المشاركة فيهـا فما استطاع وأجابني: «ان كتفيـه لا يحملان هكذا عبئاً»! سألته أن أعلن وحـدي عدم المشاركة فـألمح للوفاء، فذهبنا ضحية الوفاء مني له ومنـه لي ومنه لست أدري لمن. فهـو أدرى لمن وفى ومن وفى معه وهل؟

هنـات أربع قد تبدو هينات، إلا انها في السياسة كبـائر. أعتـرف بها، واعتـرف ان الوفاء للصداقـة لا يشفع بسـوء النتـائـج، فعسى في قـولـهـا وإعلانها ما يشفع.

لقد أخطأت حين قبلت المشاركة في حكومة الثلاثين. واخطأت حين لم استقل منها. واخطأت حين لزمت الصمت حيال قانون الانتخـاب في المجلس النيابي. واخطأت حين واصلت في المشاركة في ما سمى انتخابات نيابية.

أخطاء حملت بالصداقة والـوفاء على اقترافهـا على أمل أن يكون شكي سوء ظن حتى تيقنت انه من حسن الفطن، إذ ثبت لدي ان اتفاق الطائف يحول في غير اتجاهه وينفذ ضد مصلحة لبنان الدولة ولبنان الوطن.

أما الكتابة عن اتفاق الطائف فليست بقصد تـأريخه ولست بصدد سرد أخبار أو وقائع حدثية وإنما أعرض تحليلاً وأبدي رأياً، وأتخذ مواقف. وما سردي للحدث أو الخبر إلا في معرض إثبات رأي أو تدعيم موقف. فأنا لست مؤرخاً. أنا أكتب في السياسة ولست محايداً فيها.

إلا أنه وبعد إيضاح الانحياز، لا بد من التذكير أن التربية العلميـة الأكاديمية تفرض حداً أدنى من العرض والدراسة الموضوعيين، وحداً أدنى من النهج العلمي في المعالجة والكتابة.

الكتابة في السياسة كشف نوايا وإرادات. غير أن النوايـا والإرادات السياسية تعمل ضمن إطار ومن مواقع لها ركائزها الموضوعية وأبعادهـا في مجالات أخرى، ترمي بثقلها على السياسة فتطيع فيها القرار والنيـة وفعل الإرادة. وهذه المجالات كلها تفرض الأمانة العلمية إبرازها وتثقيلها بحجمها ووزنها لاكتمال الفهم وتبيان الحقيقة.

اتفاق الطائف أصبح اليوم اثنين: الاتفاق المكتوب والاتفاق المطبق.

في الاتفاق المكتوب فصـول وفي الاتفاق المطبق فصـول. وشـتـان مـا بين الاثنين. فتلك تقسيمـات للفهم ملؤها صـدق النوايـا، وهذه حبـائل احتيـال ومسرحيات تأمر.

في الفصول الأولى: لماذا اتفاق الطائف؟ كيف تم الاتفاق؟ ما هو الاتفاق في قواعده؟ وما هو في مضمونه من حيث الكيان والنظام والسيادة والعلاقات؟ وما هي خطة تنفيذه؟ وكيف فهمناه واقتنعنا به؟

أما الفصول الأخرى فعناوينها: انتخاب الرئيس، فإنهاء حالة التمرد، فحكومة الثلاثين فالأطباق وحكومة عملية صيف ۱۹۹۲.

وأمـا الموقف فتحليـل لواقـع الطائف المطبق وإظهـار لمكامن الخلـل في التطبيق ولأهمية الأخطار الناجمة عنه وللمعالجة الممكنة.

فبعد محاولة حل المأساة بالاتفاق، كيف نحاذر مأساة الحل بما هو ينفـذ به؟ وکیف نحاذر تحول الحل إلى مأساة أدهى من الأولى وأشد مرارة؟

على هذا السؤال أحاول أن أجيب

تقع المسؤولية علينا لإرسال الكتاب الذي تطلبه، من خلال بريد سريع برقم تتبع ، مما يضمن استلام الطرد. قد يستغرق وصول الكتاب ما بين يومين وخمسة أيام ، وفقًا للبلد الذي تم إرسال الكتاب إليه.

Additional information

Weight 0.7 kg
Dimensions 1 × 1 × 1 cm