مقتطف من مقابلة لوليد جنبلاط مع الوسط، في 11 تموز 1994
– بماذا شعرت لدى تبلغك نبأ اغتيال بشير؟
– بالارتياح. لنكن صريحين المسألة اعطتنا معنويات وطحشنا.

أشتري الكتاب

لن نفهم بعض تصرفات امين الجميل، ان لم نأخذ بعين الاعتبار كراهيته لأخيه بشير، وبعد موته، لفادي فرام وفؤاد ابو ناضر. لو اعتبر امين ان فادي او فؤاد يفضله على بشير، لكان اسلمه “اللواء 75″، اي الميليشيا التابعة له، ولكان دمج اللواء 75 مع القوات. لكن امين، على عكس ذلك، اراد الغاء القوات اللبنانية، في وقت كان يعزز فيه اللواء 75. ولم يسمح لفادي او فؤاد بالدخول في مؤسسات الدولة اللبنانية، لكنه وضع السلطة في يد جنبلاط وبري اللذين سماهما وزراء. ووضع رجاله في المراكز الرسمية الحساسة.

وحث امين فؤاد على شن معركة طاحنة على جعجع. كان يعلم ان حربا داخليه ستضعف القوات اللبنانية او تقضي عليها، وربما كان ذلك هدفه السري. فان اضعاف القوات وعدم توريط اللواء 75، يقوي حتما هذا الاخير ويفعل دوره في المنطقة المسيحية. امين لم يغفر لفؤاد رفضه سفك دماء رفاقه، فقطع كل علاقة معه لسنوات، وعامله كعدو، محارباً اياه في انتخابات الحزب لمصلحة سعادة، ومفضلاًً التحالف مع جعجع، في انتظار اليوم الذي سيقوم هو بانتفاضة على جعجع. في 10 آب، ظن امين ان اللواء 75 التي يموله ويعززه، اصبح قوياً بما فيه الكفاية، فارسله لمحاربة جعجع. لكن ميليشيا امين لم تكن القوة الوحيدة في الميدان، فسحبها، خشية من ان ينتصر حبيقة.

وغداً جعجح اشرس من قبل، وخطف وصفى مئات المسيحيين، خوفاً من انتفاضة اخرى.

كره امين لفؤاد لم يكف، لكنه كف عن التستر. ويتهجم الخال على ابن اخته في كل مكان وحتى في خطاباته، لأن فؤاد لم يتبعه سياسياً ولم يكف عن اعلان مواقف هي بالاجمال معاكسة لمواقفه.
وخصص امين الجميل المعاملة ذاتها لميشال عون. حتى انه قبل باتفاق الطائف الذي يخلصه من عون. وهكذا ناقض نفسه بالتوقيع على البنود التي هاجمها في كتابه (ص 100). فناقضته امه علينا باسمها وباسم بيار وبشير الجميل (ص 123)، كما ناقضه فؤاد واكثرية حزب الكتائب الذي ينتمي اليه امين (ص 122)، وغيرهم.

ويتصرف امين مع جنبلاط، بشكل عكسي. لقد نسي الحرب التي شنها عليه جنبلاط طوال مدة رئاسته، وعشرات الآلاف من المسيحيين الذين قتلهم او خطفهم او اعاقهم لصالح حافظ الاسد. ونسي امين ان جنبلاط كان ينوي قتله لو تمكن من اقتحام القصر الجمهوري.

ويغفر امين الجرائم ضد الانسانية التي ارتكبها جنبلاط بحق المسيحيين، بعذوبة خاطر مازوشية، ويمالقه كما لم يمالق احداً. حتى انه لم يجاف جنبلاط بعد ان قال هذا الأخير ان المسيحيين في 14 آذار اصبحوا حملاً علينا امام صحافي نشر الخبر في جريدة الاخبار. ورفض جنبلاط انكاره، قائلاً ان الكلام لم يكن للنشر!

كذلك قال جنبلاط، في نيسان 2009: الموارني جنس عاطل، وسمح بتسريب التسجيل الفيديو لكلامه، ورفض الاعتذار، واخيراً قال ان كلامه اجتزىء وانه لم يعن جميع الموارنة، بل قسماً منهم. فقال امين: “جنبلاط طوى الصفحة، ويحق له ما لا يحق لغيره.”

الرئيس شيراك: خدمة اسياد حرب لبنان من اجل خدمة مصالح آل الحريري

مول رفيق الحريري حملة الرئيس الفرنسي جاك شيراك الانتخابية، مما سبب فضيحة في فرنسا. وهنا نطرح هذه الاسئلة: لماذا رفض دائماً شيراك استقبال عون. رئيس الحكومة التي تنوب عن رئيس الجمهورية في لبنان. والذي حاول الحريري تحطيمها من خلال اتفاق الطائف ودعم الميليشيات التي تحارب الجيش والدولة؟ ولماذا الرجل الذي احتقر الشرعية اللبنانية استقبل “هملر سوريا”، عبد الحليم خدام، استقبال الرؤساء والملوك؟ ربما الاجوبة موجودة في المقاطع التالية، التي نقلناها عن كتاب احدث ضجة في فرنسا، لدقة المعلومات التي يحتوي عليها:

“كثيراً ما يدلي شيراك بنظريات تختص بلبنان، يدينها عادة الى صديقه رفيق الحريري. برنار بييو كان مدير مكتبه في رئاسة بلدية باريس، من 1978 الى 1983. هذا المسيحي الكاثوليكي المؤمن حاول عدة مرات ان يدافع امام شيراك عن قضية الموارنة في لبنان. لكن شيراك اجابه: “هؤلاء الناس تركوا بلادهم. لا يهمهم الا المال”. وما يزال برنار بييو يحتفظ بالبطاقة التي ارسلها الى شيراك، داعياً اياه الى حضور قداس تضامن في كنيسة باريس المارونية. ويحمل هامش هذه البطاقة كلمات كتبها شيراك بقلم الحبر: “للاسف، تغيرت الازمنة، ولم يعد يوجد مسيحيون او مسلمون. لم يعد يوجد خيرون واشرار. لا يوجد سوى ثعالب يمزقون بعضهم بعضاً، بسبب اطماع شخصية ومصالح مالية ونزاع بين اثنين من الدول العظمى. مسكينة فرنسا، التي قد ضعفت، وتألمت، وانتقدت بسبب نزاع اكبر منها! لكني سأقبل الذهاب الى قداسك، باسم المبادىء الكبرى. فلا نزال نقيم تذكاراً لموت لويس السادس عشر. …”

في بيروت، سنة 1993، نزل شيراك في قصر رفيق الحريري الشخصي، في قريطم – كما فعل تقريباً في جميع سفراته، حتى الرئاسية. والحريري اخذه في جولات على ورش كبيرة، حول ساحة الشهداء، حيث مجموعة من الآثار كان يحلم الحريري باستبدالها بسنغافورة شرقية، او بالحري بنسخة متوسطية لأبو ظبي.

لكن شيراك لا ينسى ان الموارنة يمثلون، في باريس، عدداً من الناخبين. فزار ايضاً بطريركهم، نصر الله صفير، في عريته الجبلي، بكركي … ويتقهقه ضحكاً أحد منظمي الرحلة وهو يخبر كيف شيراك كاد يسجد امام البطريرك!

… شيراك، حين يتكلم عن لبنان، يدافع عن نظرية اخرى يشاركه بها الرفيق الملياردير، ان لم يكن هو الذي اوحاها الى شيراك، وهي ان مستقبل بيروت، مثل حاضرها، يمر في دمشق. حافظ الاسد، رب لبنان وسيده، هو حقاً جزء من الازمة، لكنه لا يمكن ان يوضع خارج الحل…

طبعاً، جاك شيراك يحب ان يستعيد لبنان استقلاله يوماً، ولو اعتبر هذا الهدف بعيداً. وفي انتظار هذا اليوم، يعتبر ان صديقه رفيق الحريري، نظراً الى آرائه الخاصة والدعم السعودي، هو احد الرؤساء اللبنانيين الوحيدين الذين يمكنهم اعطاء بلده بقعة تنفس بالنسبة الى عرابه القوي سوريا. هذه النظرية… تعلق كل مصير لبنان برجل واحد الحريري. وسرعان ما يستحيل فصل اهتمام شيراك بالملياردير، من اهتمامه بلبنان، لكثرة ما يمتزج هؤلاء الاثنين في ذهنه. لا يمكن تغيير رأي شيراك، الذي يعتبر ان كل ما ينفع لبنان ينفع رفيق الحريري، والعكس صحيح. ان ساعد احدهما، يكون قد ساعد الآخر……

انتصار الاغنياء على الذين لا يملكون البترول

القذائف السورية، الطائرات السورية، الدبابات السورية – اشرس قوة، وبمساعدة بضعة عملاء – سحقت، في تلك الليلة الخريفية، المعقل الاخير للامل اللبناني. ومن الاكيد ان الولايات المتحدة وفرنسا تحملان مسؤولية رهيبة في ازالة ما سمي المعقل المسيحي.
بعد ان سببتا تلك المأساة، هاتان الدولتان تشاركان ارتياح المجتمع الدولي الجبان. وذاكراتنا لن تنسي قبل وقت طويل، آثار هذه الجبانة. فرنسا أدانت العراق ولم تدن سوريا، وقبلت باستعباد بلد هو احد مؤسسي الامم المتحدة، ولم تدافع عن الذين هم، في العالم، اعز اصدقائها، ففقدت صيتها…
لقد استقالت فرنسا. وفعلت ذلك بانسحابها، كما جندي يفر…انها اعادة، في تشرين، وعلى صعيد المشرق بكامله، ل حزيران 1940 (احتلال هتلر لفرنسا). الا انه لن يكون لحافظ الاسد، جلاد شعبه، اية محكمة دولية على غرار نورنبرغ…
هذا الشعب اللبناني سيتذكر انه، وسط سكوت الامم، رمي في البحر. هؤلاء اللبنانيون الفلاحون، الجنود، الرهبان، ظلوا متمسكين بارضهم، بهذا الجبل. كل ما سيبقى لهم هو بضعة كلمات فرنسية تعلموها بتقوى، لكنها باتت من دون قوة، وتبتعد من شاطىء اقدم ارض في العالم…
انه لثقيل، حساب الفرنسيين اليمينيين واليساريين الذين قبلوا باتفاق الطائف وما يحويه: عار السيد الهراوي، والاحتلال السوري، والغاء المجتمع المسيحي. سيتذكر التاريخ انه، في يوم واحد، اي 12 تشرين الاول 1990، فرنسا ادانت اسرائيل بسبب اطلاق النار في اوراشليم، وساندت، على بعد بضعة كيلومترات، السيد هراوي، لافال سياسي عميل ثاني، يرأس دولة لا وجود لها، يديرها ديكتاتور البلد الجار…
خمسة عشر سنة كانت كافية كي تحول الكنيسة اللبنانية، على غرار سائر كنائس الشرق، الى طائفة ثانوية، محرومة من الحقوق ومن القاب السيادة، متروكة من الجميع، على ارض اجدادها.
لا يخطئن احد. ما نقبل به اليوم في بيروت سيجري غداً في تل ابيب.
فرانسوا ليوتارد، وهو احد النواب الفرنسيين الذين ذهبوا الى لبنان ليساندوا الحكومة الشرعية.

في أيار 1988، توجه وفد من التنظيم لمقابلة البطريرك الماروني مار نصر الله بطرس صفير، في بكركي، وكان من عداد الوفد بيار رفول وعباد زوين. قدم الوفد لغبطته رسالة باسم التنظيم يرشح فيها قائد الجيش اللبناني العماد ميشال عون لرئاسة لجمهورية. كان رد البطريرك “عون مش ابن عيلة” وأمام دهشة الوفد شرح قائلاً: “لا بيو نايب ولا جدو وزير…”
أثار البطريرك عاصفة في لبنان عندما وافق على اتفاق الطائف، الذي يشر عن الوجود السوري في لبنان. وفي 5 تشرين الثاني 1989، صعد جمهور المتظاهرين الى بكركي، لكن قوات جعجع ألغمت التظاهرة، وخربت في الصرح واعتدت على البطريرك.
وصورت كل شيء عدسات ال ال بي سي (التلفزيون التابع لجعجع)، وحملت المسؤولية لعون. لكن شريط الاعتداء فضح الميليشيا، بابرازه الرجل الذي اعتدى على البطريرك، فادي معلوف، وهو احد عناصر جعجع، وينتمي الى جهاز مخابراته. أوقفه عون، فاعترف معلوف بأنه تابع لغسان توما (ص 35).
واوقفت الحكومة أربعة رجال آخرين بالاستناد الى اعترافات معلوف وشريط الا ل بي سي المصور. ثم اعدت ووزعت الشريط المصور نفسه مع دوائر حمراء (الصور المقابلة) حول رأس فادي معلوف وهو يتسلل في الجمهور ويعتدي على البطريرك.
أنكر جعجع أن فادي معلوف هو من قواته، لكن معلوف أوقف سنة 1994 بصدد التحقيق بانفجار كنيسة ذوق مكايل، لأنه من قوات جعجع المعروفين. وقال موظف رفيع في الدولة اللبنانية لباتريك كرم: “معلوف بالذات، هو من قاد المجموعة التي هاجمت بيوت الضباط في صربا”.
في 12 حزيران 1990، وبرفقة السفير الباباوي بوانتي، قام صفير بزيارة الهراوي. فيما بعد، فرح بدخول السوريين متحدثاً عن نهاية “الكابوس”، رغم علمه بما ارتكبه السوريون بعد سقوط عون من مجازر واغتصابات وخطف وتدنيس كنائس.
سبب الغزو السوري جرائم مثلها المناطق الاخرى، والبطريرك كان يتلقى اخبار مأساوية يومياً. لم يكن يحق له ان يتجاهلها ويوافق على احتلال سيسبب الجرائم في المناطق الحرة ايضاً. موافقته على سطو سوريا على مؤسسات الدولة اللبنانية أغضبت أكثرية المسيحيين، فهجروا الكنائس المارونية. كان الكهنة يقولون لهم: “ارجعوا. هيدي كنسية الله مش كنسية البطررك!”
ولمكافحة الحقيقة، لجأ جعجع الى اهم سلاحه، غسل الدماغ بواسطة البروباغندا. فأعطى الأوامر لتلفزيونه بابقاء فريق من الموظفين في بكركي. كانت قداديس البطريرك تصور وتبث مباشرة، ثم تمر مقاطع من العظة في نشرة الأخبار، بالاضافة الى مقابلات كانت تجرى مع كل زائري صفير ومع صفير.
كانت ال ال بي سي أولى تلفزيونات لبنان، فتقاطر السياسيون الى بكركي لاكتساب الدعاية. فارسلت التلفزيونات الأخرى فرقها ومصوريها الى بكركي لمقابلتهم. ذلك اخرج البطريرك من العزلة التي وضعه فيها قبوله بشرعنة احتلال بلاده ورفضه ادانة حرب الميليشيا على الدولة، ورفضه ادانة معوض والهراوي اللذان اقسما باطلاً (ص 115 – 116).
اعتقال جعجح نقل صفير الى جانب المضطهدين. فاصبح شعبياً لأنه، باستثناء دوري شمعون، كان الماروني القوي الوحيد الذي يمكنه اعلان الحقيقة: كل الآخرين، وضعهم جعجع والسوريون في القبر او خارج لبنان. لكن صفير رفض الاقرار بأن شرعنة غزو لبنان التي وافق عليها، هي اساس الأذى. وهكذا ساهم في اعطاء جريمة الطائف هالة قداسة ساعدت أعداء لبنان على فرضها.

القانون الانتخابي الذي فرض بعد الطائف حرم المسيحيين من ممثلين في البرلمان، اذ جعل اكثرهم ينتخبهم النواب المسلمون. وهكذا تمكن الحريري، بشراء الاصوات في انتخابات صوت فيها فقط 13 % من اللبنانيين، من امتلاك اكبر كتلة نيابية، مما سمح له ان يصير رئيساً للوزراء، بفضل اتفاق الطائف الذي كتبه، كما قلنا، لخدمة مصالحه. والغش ساهم كثيراً في نجاح هذه الانتخابات. هكذا “صوت” الكثير من الموتى ومن المهاجرين. وامام هذه الفضيحة ادلى المرشح على الرئاسة الاميركية بيل كلينتون بما يلي:
“لا يمكن اعتبار الانتخابات البرلمانية الاخيرة حرة او عادلة. لم يقبل فيها اي مراقب دولي، وفي الواقع، كل النظام الانتخابي كان قد شوه.”
40000 جندي سوري ما يزالون يحتلون لبنان. وقسم كبير من الطائفة المسيحية قاطعت الانتخابات، مما يجعل نتائجها اقل تمثيلاً حتى.
وتقول ادارة بوش انها “تشعر بخيبة”، بسبب الانتخابات اللبنانية. لكن الرئيس بوش لم ينجح في منع الهيمنة السورية من الضغط على كيفية سير الانتخابات، مما يلقي الشك على صدقية هذه الخيبة. كان يجب الا تحصل الانتخابات في مثل هذا الجو: انها ستجعل استعادة استقلاله اصعب بالنسبة الى لبنان.

الدولة تبدو وكأنها تتلاعب بمسألة توقيت بداية الانسحاب الجيوش السورية الى سهل البقاع. منذ سنوات، والدولة تقول ان اتفاق سنة 1990 في الطائف ينص على انسحاب الجيوش السورية الى سهل البقاع قبل نهاية هذا الشهر. وتقول الآن ان سوريا، في الحقيقة، هي بحاجة الى ان تبدأ، قبل نهاية هذا الشهر، مفاوضاتها مع الدولة اللبنانية الحالية، فيما يختص بانسحابها. وبالاضافة الى ذلك، فان اكثر الميليشيات اللبنانية لم تعد مسلحة كما يقضي اتفاق الطائف. لكن سوريا رفضت الالتزام بتعهدها سحب سلاح زلمها الارهابيين، اعني حزب الله، الحركة الاصولية التي تدعمها ايران.
ادارة بوش تبدو مستعدة على التضحية بلبنان المستقل، كي تبقى بعلاقة جيدة مع الديكتاتور السوري، حافظ الاسد. قبوله، اليوم، بالوصاية السورية يدل عن احتقار لالتزامنا القديم بالنسبة الى الحفاظ على كامل اراضي لبنان واستقلاله.
اذا أسست حكومة اكثر تمثيلاً للشعب اللبناني، فمن المفروض ان تتمكن الولايات المتحدة من تقويته وتحسين استقلاله، باتباع مراحل… أكيد، ان انسحاب الجيوش السورية هو اساسي لكي يستعيد لبنان استقلاله.
لا يجب ان تتراجع عن موقفها الاساسي. يجب ان تصر على التطبيق الكامل لاتفاق الطائف، بما فيه الانسحاب التام للجيوش السورية الى وادي البقاع، وتسليم حزب الله سلاحه.
انتقد بيل كلينتون بشدة سياسة بوش الموالية لسوريا حين كان في المعارضة. لكن لما وصل الى الحكم، ترك السوريين يحكمون احتلالهم للبنان، وسمح انتهاكات حقوق الانسان التي ارتكبها لصالحهم رفيق الحريري، الذي فاز في هذه الانتخابات التي قال عنها كل الشر.

“ما في شر على وجه الارض ابداً… انا… مسؤول في المسيرة الكونية، وامنيتي ان اكون المسؤول الأول فيها…” لسمير جعجع.

حين جنبلاط اباد المسيحيين في الجبل، كان الاتحاد السوفياتي يمول ويسلح، والجيش السوري يقود ميدانياً، ويأمر جيوش جنبلاط والفلسطينيين.

.شكلت حرب الجبل في 1983 منعطفاً في مسار الحرب في لبنان وغيرت موازين القوى وأثرت في ملامح التسوية لاحقاً. من اتخذ قرار حرب الجبل؟
– حرب الجبل كانت نتيجة لثلاثة قرارات التقت في وقت واحد. قرار اتخذته انا وقرار سوري وقرار سوفياتي. واذا شئت وضع هذه الحرب في اطارها فهي جاءت رداً على حرب اسرائيلية – أميركية – كتائبية – قواتية بعد هزيمة القوات الوطنية وسورية في 1982. في العام 1983 جاء الرد. كما يمكن اعتبار حرب الجبل رداً على سياسة فرنسية محدودة انساقت كالعادة وراء السياسة الأميركية.

.هل اتخذ هذا القرار الثلاثي على أرفع المستويات؟
– في تلك الفترة قدم الاتحاد السوفياتي الى الحزب التقدمي الاشتراكي مساعدات عسكرية ضخمة تقدر بعشرات ملايين الدولارات اضافة الى تدريبه المئات من شباب الحزب كضباط وقادة كتائب. يجب الا ننسى ان يوري اندروبوف كان الزعيم في تلك المرحلة وقد اتخذ قراراً بتعويض سورية ما تكبدته في مواجهات 1982. كل المساعدات السوفياتية كانت تمر عبر سورية. وحين كان يحصل نقص في الذخيرة لدى الحزب في المعارك الرئيسية كانت قوافل الذخيرة تبدأ في حمانا وتنتهي في الشام.

.هل قدم الاتحاد السوفياتي اليكم دبابات ومدافع؟
– قدم الينا مساعدة عسكرية محترمة. نعم

. تردد لفترة انك ارسلت طلاباً للتدريب كطيارين في الاتحاد السوفياتي؟
– لم تكن الحرب في لبنان تحتاج الى قوات جوية. الطيران استخدم مرة واحدة في الحرب بأمر من أمين الجميل وأسقطت طائرتان للجيش اللبناني.

. متى اتخذتم القرار بشن هجوم واسع؟
– على الصعيد العملي يمكن القول ان حرب الجبل بدأت حين تصاعد التوتر الطائفي اثر دخول الاسرائيليين ثم وصول الكتائبيين في أعقابهم في حزيران (يونيو) 1982. أعقبت ذلك سلسلة حوادث أمنية من عين المعاصر الى بريح وكفر نبرخ وسوق الغرب وعاليه. كانت الأجواء مشحونة والتوتر يتفاقم ومعه القلق. وسرعان ما راحت كرة الثلج تكبر. الانفجار الكبير وقع في ايلول (سبتمبر) 1983. القرار كان جاهزاً وكنا ننتظر الانسحاب الاسرائيلي وحين حصل تحولت المناوشات الى مواجهة واسعة ثم انه في تلك الفترة كانت العمليات ضد الاسرائيليين بدأت بالتصاعد في صيدا والجنوب وكان واضحاً أن الاسرائيليين سينسحبون. بعد استكمال كانت سبقتها معارك محدودة في عاليه والحى الغربي.

. من هي القوى الأساسية التي شاركت في حرب الجبل ضد القوات؟
– كنا نحن القوة الأساسية ثم أتت قوة مساعدة من الحليف الأساسي لنا أي الحزب الشيوعي اللبناني. وشاركت من الجانب الفلسطيني في معركة بحمدون قوات تابعة لما سمي “فتح – الانتفاضة” بزعامة أبو موسى وقوات تابعة ل “الجبهة الشعبية” – القيادة العامة بزعامة أحمد جبريل. وللتاريخ نقول أننا استخدمنا أربع دبابات فقط في معركة بحمدون فقد كان هناك تردد في استخدام الدبابات، خصوصاً أن الاسرائيليين كانوا لا يزالون في الشوف. طبعاً في المعارك الكبيرة لاحقاً كمعارك سوق الغرب وصل عدد الدبابات الى مئة.ً

. من قاد هذه المعارك ميدانياً؟
– نحن وقيادةً الجيش السوري في لبنان بالتنسيق مع القيادة في الشام. من جانبنا كان يقود المعركة أنور الفطايري والمقدم شريف فياض مع مسؤولي الجيش الشعبي. لاحقاً خضنا معركة اقليم الخروب ونجحنا في المرحلة الأولى لكنهم ردوا علينا بسبب خلل حصل.

. أين كنت تقيم في تلك المرحلة؟
– بين الشام وحمانا وحين فتحت طريق المختارة عدت الى المختارة.

. ألم يكن هناك أي دور آنذاك للرئيس ياسر عرفات؟
– لا، في ذلك الوقت كان يتسلى في حرب طرابلس (في شمال لبنان).

. ماذا كان تأثير حرب الجبل في المسار العام للوضع في لبنان؟
– قلبت التوازن الداخلي وجعلته لمصلحة سورية ولمصلحتنا ومصلحة القوى الوطنية والصف الاسلامي العربي وضربت فيها أميركا وفرنسا واسرائيل. لا تنسى ان اسرائيل اضطرت الى الانسحاب وفرنسا أيضاً. كما أن الاميركيين انسحبوا بعد حادث المارينز وفتحنا الطريق من الشام الى الجنوب وهي طريق المقاومة؟