Home/

مذكرات مي زيادة باشراف جميل جبر

مذكرات مي زيادة باشراف جميل جبر

$23.00

كتاب مذكرات مي زيادة باشراف جميل جبر

Description

كتاب مذكرات مي زيادة – الروائع العالمية – باشراف جميل جبر – دار الريحاني في الطباعة و النشر – كتاب الشهر – Softcover book, 20.5×14 cm, 194 pages

توطئة

ان اكثر الالوان الادبية رواجا في عصرنا الحاضر اللون الوجداني وما يشمل من مذكرات ويوميات روايات اوتوبيوغرافية وخواطر مستمدة من الصميم . ولا غرو فاي خبر عن نفسية امرئ اصدق وابلغ من خبر يرويه المرء عن نفسه ولا سيما ان كان اديباً او فناناً .

والمذكرات او اليوميات التي كتبتها مي ، اديبة العرب الاولى ، في مختلف احوالها النفسية ومراحل حياتها هي خير ما يعرف الناس بمي . انها حكاية قلب جريح ونفس قلقة محدودة تتوق الى اللا محدود ، بل هي مرآة صافية ، تنعكس فيها جلية ، عبر الظلال ، خلجات الشاعرة المتمردة في جو من طراوة العفوية.

وقبل ان نثبت المذكرات ونبوبها حسب فصول حياة مي لا بد من لمحة عن حياتها العاصفة.

ولدت ماري زياده (ابوها لبناني من شحتول وامها فلسطينية الاصل) في ناصرة فلسطين حيث ترعرعت واتمت  مبادئ الدروس . حتى اذا بلغت عامها الرابع عشر دخلت مدرسة عينطورة في سنه ۱۸۹۹ . وهنالك عرفت بقوة الشخصية وحدة الذكاء وغرابة الاطوار .

كانت دقيقة الملاحظة ، انيسة العشرة ، رضية الخلق ، تحب اللهو والضحك والحركة . ولكنها كانت غريبة الروح ، موحشة الفؤاد تميل الى العزلة فتخلو بنفسها تتنهد وتشكو وتكتب وتحسد العصافير المرفرفة حولها تزقزق على هواها حرة طليقة.

وغادرت مي مدرسة عينطورة سنة ١٩٠٤ الى الناصرة حيث اقام ابواها وقد انجزت دروسها الثانوية تفوق ملموس فعاشت في تلك المدينة غريبة ، الا عن والديها ، تفتش عن طريقها متأوهة لا تستكين.

هل ترضى بعيشها الحامل المقفر فتكتفي وتستقر ؟ لا بل تتحرر من قيود وضعها فتستثمر كل ذاتيتها الخصيبة وتملأ وجودها وتفعل.

وانتقلت الى القاهرة مع ذويها حيث مجال العمل ارحب واطلق . غير ان امكاناتها المادية المحدودة حتمت عليها ان تبقى غريبة هنالك ايضاً . فلا الاوساط الراقية كانت تعرفها فتقدرموهبتها ، ولا مواردها المالية كفت لتتيح لها الظهور، فاضطرت الى ان تحيا على الهامش حينا ، فتألمت وشكت الى نفسها حرقة النفس وعزمت على ان تلمع … او تموت .

في مسكن صغير آمن يكاد يخلو الا من ضروري الاثاث ، جلست ماري الى طاولة مستديرة تتأمل وتدرس ، ليل نهار، ولا تبالي مطلقا بنهي والديها عن جهد عقلي قد ينهك قواها . فطالعت في وحدتها تلك لامرتين و كورناي وشار و بيرون وشلي، وساحت معهم في اثير الشعر تحاول التفلت من وضعها الجائر . وطالعت ايضاً سير من اشتهرن ووجهن من الادبيات، ولا سيما مدام دي سيفينيه وجورج صند و مدام دي ستال ، فتساءلت غير مرة لم لا تسير هي في اثرهن ولا الحسن ينقصها ولا العزم ولا الذكاء…

و من الاحلام ما اذا عاشها صاحبها لا تلبث أن تتحقق احست ابنة الياس زياده بميل جامع الى الاخراج فجعلت تكتب بالفرنسية ، شعرا ونثرا ، وتنقح وتصقل وتهيء للنشر بعض مقطوعات . واذ ايقنت ان اسمها لا يستلفت انتباه القراء فيقبلوا على تذوق كتاباتها وهم مفطورون اجمالا على الاخذ بالظاهر، اختارت لها اسما مستعارا موسيقي الوقع يثير الفضول : ايزيس كوبيا (ايزيس زوجة أوزيريس ترمز الى العذراء – ماري – وكوبيا هي ترجمة زيادة في اللاتينية) وقعت به منشوراتها الاولى ، وثقتها بالنجاح لا تحد .

وشقت ايزيس كوبيا طريقها في اوساط الادب المصرية بعد صدور با کورتها (ازهار حلم) فلهجت بذكرها المجالس متسائلة من تكون تلك الاديبة الشاعرة ، الى ان ظهرت ماري زياده آخر الامر وانطلقت انطلاقة الحزم والايمان .

ييد ان هذه الشهرة التي طالما سعت اليها مي وحسبتها الدواء الناجع لقلقها لم تحررها طويلا من ربقة الكآبة . فما هي ايام حتى عاودها السأم فشعرت بعقم الحياة الرتيبة واحست بالفراغ القائم يسود اعماقها ولا يغيب . وتطلعت المرآة ، ذات صباح ، تناجي نفسها الشرود فبدت لها غضاضة الصبا في اكمل والبهج حلقاتها . وتراءى لها في الخيال الغد الرهيب ، يسم النضارة ساعة فساعة ، فالقت بيدها تعبة عند موقع القلب ، وتمتمت ممتعضة ما اقسى الزمان . وانصرفت الى حديقتها تعنى بها وتعنى ، ثم عادت الى غرفتها ولم تنفرج ، فتناولت قيثارتها الصفراء ووقعت “برساز” شوبان وهي لا تنفك واجمة حزينة ، واذ سألتها امها عما بها حاولت التبسم واستهجنت السؤال . وماذا اقلق ميا وعذبها الا وحشتها الجافة التي سعت عبثا لان تبددها فتستقر.

وعاودها الشوق الى مدرسة عينطورة ، الى ايام تلمذتها ، الى صنين والوادي والبحر و الارز ، وما سلخت ازاءها من فلذات متأججات عن ذاتيتها الفتية ، فأمت لبنان سنة ۱۹۱۱ في طلب الترفيه والسلوى ، وكانت شهرتها الادبية قد تقدمتها اليه.

و في لبنان قصدت ظهور الشوير فابتنت لها “كوخا اخضر” في حضن الطبيعة تحول سريعا الى محجة كتاب العصر ، وقد ارادته خلوة هادئة تحلم في كنفها وتكتب وتلهو.

وهنالك في هدأة الكوخ الاخضر ، راحت تترجم “الحب في العذاب “، باسلوب عربي عذب . حتى اذا جاء الخريف عادت وذووها الى مصر ولما تزل تشكو الفراغ الذي لم تكن لتملأه طويلا ، لا الحفاوة البالغة التي لقيتها حيثما حلت ولا خواطر مولر الشعرية وذكرياته الغبراء و ابتسمت مي لمودعيها وابتسمت وهي تغادر ربوع لبنان ورب ابتسامة زاهية حجبت شقوة النفس.

وفي مصر كتبت مي بجرأة واستمرار، في “المحروسة” مجلة ابيها ، وفي “البروغره” ، وغيرهما من الصحف المصرية، فاجتذبت اليها انتباه الادباء ، فالتف حولها عدد من البارزين بينهم : جعلوا من منزلها صالة لهم، كانوا يرتادونها ، كل ثلاثاء فيتباحثون في شؤون التأليف والفنون والثقاقة ويتشاورون ، في جو رصين يشيع فيه الطمأنينة حسن الفتاة العذب يعززه الذكاء (من رواد صالتها كان ولي الدين يكن ، طه حسين . خليل مطران، شبلي الشميل انطوان الجميل، اسماعيل صبري، يعقوب صروف ، المازني، العقاد.)

و فى تلك الحلقات الادبية الدورية طالعت مي مقالا لجبران خليل جبران ، فاستذوقت نهجه و استزادت ، وقد لقيت لديه غصة ألم وضراوة وحشة وفورة جموح طالما تنازعتها هي فاورثتها القلق الذي لا يهادن.

ولم تكتف بمطالعة جبران وحسب، بل راحت تستوضح سيرته و اوضاعه باهتمام جدي ، كأنما ارادت ان تكتشف الينبوع الاصيل الذي فجر ذلك النتاج .

وعن لها ان تكتب اليه ، ولكن كيف تفعل وهي لا تعرفه، و بعد تردد طويل تناولت ريشتها وخطت اول رسالة منها الى جبران . وكان ذلك في ۲۹ اذار سنة ۱۹۱۲.

واستمرت من ثم هذه المراسلة خصيبة بالشعور حتى وفاة جيران. ونشبت الحرب الكونية الاولى فانقطعت المواصلات بين العالمين ، القديم والجديد ، فجزعت مي وترقبت ، على مضض، انفراج الازمة . الا انها لم تهمل صالتها العامرة ولم تنقطع عن الكتابة ، عزائها الاوحد ، بل واصلت ابحاثها في مجلات المحروسة والمقتطف والمقطم والهلال.

وقد درست بنوع خاص وضع المرأة الشرقية وبيئتها وطبيعتها فاوضحت موجباتها ، وايدت حقوقها ، واتخذت من باحثة البادية مثلا اعلى للجهاد النسائي . وقد دفعها حبها الاستزادة من العلوم الى الالتحاق بالجامعة المصرية حيث تعمقت في درس الفلسفة العامة والفلسفة العربية وعلم الاخلاق على المستشرق الاسباني الكونت جلارزا ، وبعيد الحرب نشرت كتابها “باحثة البادية» فلاقى استحسانا كبيرا في اوساط الادب في مصر وفي غير مصر. فازدادت ثقتها بنفسها وجمعت بعض ما كتبته في المقتطف والهلال والمقطم ونشرته على التوالي في “ظلمات واشعة” “بين المد و الجزر” ” الصحائف” ” سوانح فتاة” كما جمعت عددا من خطبها في “كلمات واشارات”.

وكان الحنين يلج بها دوما الى لبنان فجاءته مرتين والقت فيه محاضرات قيمة عن رسالة المرأة. وفي سنة ۱۹۲٥ سافرت الى ايطاليا تشاهد فيها عن كتب روائع رافائيل وميكالنجلو ودافينشيوغيرهم من اعلام الفن العالمي الخالد.

واخذ الزمان يعبس لمي سنة ۱۹۲۸ ، فمات على التوالي صديقها يعقوب صروف ، وابوها و جبران فوجدت نفسها هرمة وحيدة ، في ذلك المنزل الذي طالما عمر برواد صالتها وعودها في كنف ذويها الطمأنينة والرخاء . فاعتزلت العالم ظنا منها ان الوحدة خير بلسم لكلومها المعنوية ، ولكنها لم تلبث ان ضاقت بوحدتها تلك ، فنقمت على منزلها وما فيه من اشياء تذكرها بالامس الرغيد ، فسافرت الى فرنسا سنة ۱۹۳۲ وجالت في حواضرها ، وتوجهت منها الى انكلترة حيث زارت بلد شكسبير و اكسفورد، و انتقلت الى سويسرا فايطاليا متلمسة في كل مكان عزاء يدوم . ولكن نفسها القلقة كانت تترجح دوما في فجوة القلب الطعين ، قملت السياحة وعاودها الحنين الى القلم ، فرجعت الى مصر، وغيرت منزلها وراحت تترجم اعلام الفكر الاغريقي ، وتطالع ورثر ورينه وتأملات لامرتين ، محاولة ان تذهل عن نفسها حينا في غمرة العمل المرهق.

وضاق بها الجو ثانية، فركبت البحر الى ايطاليا حيث درست في جامعة بروجيه ، آثار اللغة الايطالية وجالت في متاحفها التي اوحت اليها بالامس ابلغ الاعجاب . ولكنها لم تكن لتستقر على حال فاخذت هنالك عوارض الاعياء العقلي تظهر في جسدها المثقل بالهموم والمشقات ، فتعبت من الكتابة فاستعانت بيد سكرتيرة وهي تترجم بعض بعض المآسي.

وعادت الى مصر ، فاشتد عليها المرض وازداد تبرمها بالحياة فقصدت الى لبنان موطنها الاول، تطلب الاستشفاء في ربيع سنة ۱۹۳۷. ولكن على غير طائل . فرجعت الى القاهرة تجر ايامها جرا حتى كانت خفقة قلبها الاخيرة في ١٩ تشرين الثاني سنة ١٩٤١.

تقع المسؤولية علينا لإرسال الكتاب الذي تطلبه، من خلال بريد سريع برقم تتبع ، مما يضمن استلام الطرد. قد يستغرق وصول الكتاب ما بين يومين وخمسة أيام ، وفقًا للبلد الذي تم إرسال الكتاب إليه.

Additional information

Weight 0.3 kg
Dimensions 1 × 1 × 1 cm